للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر من ورود اسم هذا الصنم في القرآن الكريم، ومن انتشار التسمية به في مثل "عبد مناة" و"عبدة مناة" و"زيد مناة" و"عوذ مناة" و"سعد مناة" و"أوس مناة" بين عدد من القبائل المختلفة، مثل تميم وطيء وكنانة، إن عبادة "مناة" كانت منتشرة انتشارًا واسعًا بين القبائل١. ولهذه الكلمات المتقدمة على كلمة "مناة" شأن كبير في وصف الصورة التي كانت في مخيلة عبدة مناة عنه؛ إذ تمثله إلهًا كريمًا يسعد عباده ويساعدهم في المكاره والملمات ويعطيهم ما يحتاجون إليه.

والصنم مناة هو "منوتن" "منوت" Manavat عند النبط، ويظن أن لاسمه صلة بـ"مناتا" Menata في لهجة بني إرم، و"منا" Mena في العبرانية، وجميعها "مانوت" "منوت" Manot، وباسم الإله "منى" Meni، وبكلمة "منية"، وجمعها "منايا" في عربية القرآن الكريم. وهي لذلك تمثل الحظوظ والأماني، وخاصة الموت٢. ولهذا ذهب بعض الباحثين إلى أن هذه الإلهة هي إلهة المنية والمنايا عند الجاهليين٣.

وقد ذكر "مني" Meni مع "جد" Ged في العهد القديم. والظاهر أن كلمة "جد" كانت مصدرًا، ثم صارت اسم علم لصنم. وذكر "منى" مع "جد" له شأن كبير من حيث معرفة الصنمين. فالأول هو لمعرفة المستقبل وما يكتبه القدر للإنسان من منايا ومخبآت لا تكون في مصلحة الإنسان. والثاني، وهو "جد"، لمعرفة المستقبل الطيب والحظ السعيد "fortune" "tyche" في اليونانية، فهما يمثلان إذن جهتين متضادتين٤.


١ تاج العروس "١٠/ ٣٥١" Reste, s. ٢٩.
٢ Reste, s. ٢٨, Ency. Religi, I, pp. ٢٣١, ٦٦١.
٣ Das Gotzenbuch, S. ٨٧.
٤.Hastings, pp. ٢٧٥, ٦٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>