للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس. ويقولون: "نحن أهل الحرمة وولاة البيت وقطان مكة وساكنها، فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا ولا تعرف له العرب مثل ما نعرف"١.

وتفسير كلمة "الحمس" في رأي علماء اللغة التشدد في الذين، سموا حمسًا لأنهم كانوا يتشددون في دينهم، فكانوا إذا زوجوا امرأة منهم لغريب عنهم، أي لمن كان من الحلة اشترطوا عليه أن كل من ولدت له، فهو أحمسي على دينهم. وكانوا إذا أحرموا لا يأتقطون الأقط، ولا يأكلون السمن ولا يسلئونه ولا يمخضون اللبن، ولا يأكلون الزبد، ولا يلبسون الوبر ولا الشعر ولا يستظلون به ما داموا حرمًا، ولا يغزلون الوبر ولا الشعر ولا ينسجونه، وإنما يستظلون بالأدم، ولا يأكلون شيئًا من نبات الحرم. وكان يعظمون الأشهر الحرم ولا يخفرون فيها الذمة ولا يظلمون فيها، ويطوفون بالبيت وعليهم ثيابهم. وكانوا إذا أحرم الرجل منهم في الجاهلية وأول الإسلام، فإن كان من أهل المدر نقب نقبًا في ظهر بيته فمنه يدخل ومن يخرج ولا يدخل من بابه. وكانوا يقولون: لا تعظموا شيئًا من الحل، ولا تجاوزوا الحرم في الحج فلا يهاب الناس حرمكم، ويرون ما تعظمون من الحل كالحرم، فقصروا عن مناسك الحج والموقف من عرفة وهو من الحل، فلم يكونوا يقفون به ولا يفيضون منه، وجعلوا موقفهم في طرف الحرم من نمرة: يقفون به عشية عرفة، ويظلون به يوم عرفة في الأراك من نمرة، ويفيضون منه إلى المزدلفة. فإذا عممت الشمس رءوس الجبال دفعوا. وكانوا يقولون: نحن أهل الحرم، لا نخرج من الحرم، ونحن الحمس. وكانوا إذا أرادوا بعض أطعمتهم ومتاعهم، تسوروا من ظهر بيوتهم وأدبارها حتى يظهروا على السطوح، ثم ينزلون في حجرتهم، ويحرمون أن يمروا تحت عتبة الباب٢. فهم يحرمون إذن أشياء لم تكن العرب تحرمها٣.


١ ابن هشام "١/ ١٣٢" "هامش على الروض".
٢ الأزرقي "١/ ١١٦ وما بعدها"، النهاية "١/ ٢٣٣، ٢٩٣" الاشتقاق "١٥٣"، ابن هشام "١/ ٢١١"، الكامل، لابن الأثير "١/ ٣٩١"، الطبرسي "٢/ ٤١١".
Caetani, Annali, I, s, ١٢١, Ency, II, p. ٣٣٥, Snouck Hurgounje, Het, Mek-kaanische, feest, p. ٢١. ٧٧, ١١١, ١٣٠.
٣ المعاني "٢/ ٩٩٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>