للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتل "السميدع" صاحب "قطوراء"، وتصالح الطرفان، واستقر الأمر لجُرْهم. ثم إن جرهم بغت بمكة، وظلمت من دخلها من غير أهلها، وأكلت مال الكعبة الذي يهدى لها, فلما رأت "بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة" و"غبشان" من خزاعة ذلك، أجمعوا على حربها وإخراجها من مكة، فاقتتلوا، فغلبتهم "بنو بكر" و"غبشان" فنفوهم من مكة١.

وذكر النسابون أن "قطوراء" "قطورا" كانوا أبناء عم جرهم، وكانوا ظعنًا من اليمن، فأقبلوا سيارة، وعلى جرهم مُضاض بن عمرو، وعلى "قطوراء" السميدع، فاستقروا بمكة٢, وعاشوا مع جرهم والعدنانيين أبناء إسماعيل بمكة بعد هجرتهم هذه من اليمن، ولم يتعمق النسابون في البحث عن أصل قبيلة "قطوراء".

وقد نص "الطبري" على أن اسم جرهم هو "هذرم"، ونص على أن والده هو "عابر بن سبأ بن يقطن بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح"٣, وهو نسب أخذ من التوراة إلا أن من أخذه ونقل الطبري روايته منه لم يروه صافيًا نقيًّا، بل غيَّر فيه وبدَّل، جهلًا أو لسبب آخر, فإن "هذرم" هو "هدورام" "Hadoram" في التوراة، وهو الابن الخامس من أبناء "يقطان" أي: قحطان٤؛ وبذلك تكون "جرهم" من القبائل القحطانية بحسب رواية التوراة.

ولم يختفِ ذكر جرهم حتى في صدر الإسلام، فكان القاصُّ "عبيد بن شرية الجرهمي" ينسب إلى جرهم، ويظهر من شعر "حسان بن ثابت" أن


١ ابن هشام "١/ ١٢٣ فما بعدها"، وجعل ابن إسحاق "قطوراء" أخًا لجرهم، تاج العروس "٨/ ٢٢٧".
٢ ابن هشام "١/ ١٢٣"، "طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد"، "قال ابن إسحاق: وكان أخوه قطوراء، أول من تكلم بالعربية عند تبلبل الألسنة" تاج العروس "٨/ ٢٢٧".
٣ الطبري "١/ ٢٠٧"، "دار المعارف".
٤ التكوين: الإصحاح العاشر، الآية ٢٧، وإخبار الأيام الأول، الإصحاح الأول، الآية ٢١، قاموس الكتاب المقدس، "٢/ ٤٥٠"، Hastings, P., ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>