للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنصب إذن، الأحجار التي تذبح عليها القرابين وما يهل للأصنام. والعادة أن تكون أمام الصنم، وعلى مقربة منه فإذا ذبح القربان سال دمه على النصب إلى ثقب يؤدي إلى حفرة يتجمع فيها الدم. هي "الغبغب". و"النصب" هو "مصبه" Massebah في العبرانية، حيث كانوا يذبحون عليها القرابين. ولكثرة ما كان يذبح عليها صارت تبدو حمراء من لون الدم، وقد أشير على الحمرة في حديث إسلام "أبي ذر الغفاري"، إذ ذكر أنه وصف تعذيب قريش له بقوله: "فرماني الناس حتى كأني نصب أحمر"١.

وليس لأهل الأخبار رأي واحد في "الغبغب"، وإنما ذهب بعضهم على أن الغبغب هو المنحر، وذهب بعض آخر إلى أنه خزانة المعبدة، يلقي الناذرون فيها ما عندهم من نذور وقربان، وذهب فريق آخر إلى أنه بيت كان الناس يحجون إليه كما يحج إلى البيت بمكة٢. وقيل إنه كان لمعتب بن قيس بيت يقال له غبغب كانوا يحجون إليه٣.

والذي عليه أكثر أهل الأخبار أن "الغبغب" المنحر. وقد صرح بذلك "ابن الكلبي" في كتاب "الأصنام": وهو يتحدث عن "العزى" فقال: "ولها منحر ينحرون فيها هداياها، يقال له الغبغب"٤. كما صرح بذلك علماء اللغة إذ عرفوا الغبغب بأنه المنحر، أو نصب كان يذبح عليه في الجاهلية، أو كل مذبح بمنى. وقد خصصه بعضهم بمذبح منى٥. أو هو حجر ينصب بين يدي صنم، وكان لمناف مستقبل ركن الحجر الأسود غبغب، وقيل كانا اثنين ويظهر من شرح علماء اللغة للمثل: "رب رمية من غير رامٍ"، ينسب قوله إلى الحكم بن عبد غوث أن الغبغب هو المذبح، أي المنحر الذي ينحر عليه٦.


١ الإصابة "٤/ ٩٣"، "الرقم "٣٨٤"، "فخررت مغشيًّا علي، ثم ارتفعت كأني نصب أحمر"، الأصنام "١١١".
٢ مراصد الاطلاع "٢/ ٩٨٣"، البلدان "٤/ ١٨٥"، اللسان" ١/ ٦٣٧"، تاج العروس "١/ ٤٠٣"، البلدان "٦/ ١١٢"، الأصنام "١١١"، ابن هشام "١/ ٥٥".
٣ ابن هشام "١/ ٥٥"، البلدان "٦/ ١٢٢".
٤ الأصنام "١٣" "روزا".
٥ اللسان "١/ ٦٣٧".
٦ اللسان "١/ ٦٣٧" "صادر"، "٢/ ١٢٨ وما بعدها" "بولاق"، تاج العروس "١/ ٤٠٣"، "غب"، البلدان "٦/ ٢٦٥"، "الغبغب".

<<  <  ج: ص:  >  >>