للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨

وأنهم لم يكونوا يبنون بنيانًا مربعًا بمكة تعظيمًا للكعبة١. وأن أول من بنى بها بيتًا مربعًا، "بديل بن ورقاء" الخزاعي، وهو أول من اتخذ بمكة روشنًا، وكانوا قبل ذلك يتحامون التربيع في البناء كيلا يشبه بناء الكعبة٢ وأن أول من سقف بمكة سقفًا "قصي بن كلاب"، وكان الناس قبل ذلك إنما ينزلون في العريش وأن أول من بوب بمكة بابًا "حاطب بن بلتعة"٣.

و"بديل بن ورقاء"، هو "بديل بن ورقاء بن عبد العزى"، شريف كتب إليه النبي يدعوه إلى الإسلام، وكان له قدر في الجاهلية بمكة٤. فلو أخذنا برواية من قال أنه كان أول من بني بيتًا مربعًا بمكة، وأول من اتخذ بها روشنًا. وجب جعل حدوث ذلك في أيام النبي، أو بسنين قليلة قبل المبعث، فهل يعقل ذلك؟ والروشن الرف، و "الرشن" الكوة، من الألفاظ المعربة عن الفارسية٥.

وأما "حاطب بن أبي بلتعة" فهو "حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو بن سلمة بن صعب بن سهل اللخمي"، حليف بني أسد بن عبد العزى، من الصحابة وممن شهد بدرًا، كان حليفًا للزبير، وكان قد كتب كتابًا إلى قريش يخبرهم بتجهيز رسول الله إليهم، فضبط الكتاب قبل وصوله مكة، واعتذر.

فهو من الصحابة٦، وذكر أن الرسول أرسله إلى "المقوقس" صاحب الإسكندرية٧. فهل يعقل أن يكون أول من بوب بابًا بمكة، وقد كانت البيوت قبله بمكة منذ وجدت، فكيف كان يدخل الناس إليها، وقد رأينا قصصًا لأهل الأخبار يروونه عن امتناع "الحمس" عن دخول البيوت من أبوابها، والحمس هم قريش وأهل مكة قبل دخول "حاطب" إليها!

ويذكر أهل الأخبار أن البيت قد تهدم مرارًا، وأن السيول قوضت قواعده عدة مرات، لذلك لم يتمكن "بيت إبراهيم وإسماعيل" من البقاء، ولكن


١ الثعالبي، ثمار القلوب "١٦".
٢ صبح الأعشى "١/ ٤٢٦".
٣ صبح الأعشى "١/ ٤٢٦".
٤ الاشتقاق "٢٨٠".
٥ تاج العروس "٩/ ٢١٦"، "رشن".
٦ الإصابة "١/ ٣٠٠"، "١٥٣٨"، المحبر "٧٢".
٧ المحبر "٧٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>