للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الخورنق والسدير ويارق ... والبيت ذو الكعبات من سنداد١

وذكر أنه بيت كان لربيعة، كانوا يطوفون به، وقد ذكره الأسود بن يعفر في شعره، فقال:

والبيت ذي الكعبات من سنداد٢

فالبيت للأسود لا للأعشى على هذه الرواية.

وقد تعرض "ابن كثير" لموضوع بيوت الأصنام: اللات والعزى ومناة، فقال: "وقد كانت بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخر، تعظمها العرب كتعظيم الكعبة، غير هذه الثلاثة التي نصَّ عليها في كتابه العزيز ... قال ابن إسحاق في السيرة: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب وتهدي لها كما يهدى للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها"٣. وما فات من أسماء المحجات في العربية الجنوبية والشرقية وفي نجد، قد يزيد عدده على ما ذكرنا. فات عنا، لأن أهل الأخبار لم يذكروا شيئًا عنها، لانصراف اهتمامهم إلى الحجاز وما كان له صلة بالإسلام، من أرضين، فحرمنا بذلك من الوقوف على أخبار المحجات في المواضع الأخرى من جزيرة العرب.

ويحج الناس إلى هذه البيوت في أشهر معينة من السنة، هي الأشهر الحرم، وهي أشهر مقدسة لا يحل فيها قتال ولا اعتداء على أحد، فهي أشهر هدنة وسلام، أشهر خصصت بالآلهة، فلا يجوز انتهاك حرمتها. وفي شهر الحج الذي حج فيه الناس إلى أصنامهم، يجتمع الناس في المعبد لأداء الفروض المكتوبة المعينة، فيكون الاجتماع اجتماعًا دينيًّا وسياسيًّا وتجاريًّا يتعامل فيه الناس. ويتبادلون به السلع، ويعود على أهل الموضع الذي فيه المعبد بأرباح كبيرة ولا شك. وقد ذكرت أن هذه الحرمة لم تكن عامة، فقد كان من العرب من لا يراعيها ولا يحترمها، ثم إننا لا ندري إذا كان أهل العربية الجنوبية أو العربية الشرقية كانوا يعرفونها أم لا!


١ تفسير ابن كثير "٤/ ٢٥٤".
٢ تاج العروس "١/ ٤٥٧"، "كعب"، اللسان "١/ ٧١٨"، "كعب".
٣ تفسير ابن كثير "٤/ ٢٥٣ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>