للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجند من الروم، فأخرج محمدًا وأصحابه، وكان قد خرج معه كنانة بن عبد يا ليل الثقفي وعلقمة بن علاثة. فأما علقمة وابن ياليل "ابن بالين"، فرجعا فبايعا النبي وأسلما، وأما "أبو عامر" فتنصر وأقام١.

ويظهر أن "أبا عامر الراهب"، كان قد وضع مع جماعة من الأنصار الحاقدين على الرسول وعلى المهاجرين الذين صاروا يزاحمونهم في أعمالهم، واستحوذوا على التجارة واستغلوا أرض يثرب فقام قوم منهم بزراعتها، خطة لعمل مكيدة يخرجون بها الرسول من المدينة، يساعدهم في ذلك الروم. غير أنها لم تنجح، وهدم المسجد، الذي تواعدوا على أن يكون موضع التآمر وملتقى الحاقدين على الرسول، وقضي على المؤامرة، وبقي "أبو عامر" عند الروم. فلما مات عاد "كنانة بن عبد يا ليل" الثقفي، وكان رئيس ثقيف في زمانه، وكان يقول: "لا يرثني رجل من قريش"، مما يدل على أنه كان من الكارهين لقريش المتحاملين عليها وعلى الإسلام، ففر إلى "نجران" ثم توجه إلى الروم. فلما مات "أبو عامر" عاد فأسلم٢. وعاد "علقمة" أيضًا. وهناك روايات أخرى، تذكر أنه ارتد في أيام "عمر"، والتحق بالروم، ثم عاد إلى الإسلام٣.

ولاشتهار أبي عامر بالراهب، ولما ورد في بعض الأخبار من أنه كان حنيفًا، ذهب "ولهوزن" إلى أن الأحناف هم من النصارى، وأن حركتهم حركة نصرانية، وأنهم كانوا القنطرة التي توصل بين النصرانية والإسلام٤. غير أن ما لدينا من معارف عن الأحناف، لا يكفي لا بداء رأي كهذا الرأي، وللتسليم بمثل هذا القول ينبغي لنا الوقوف على آرائهم وقوفًا دقيقًا ومقارنة ما لدينا بما نعرفه من النصرانية لنتمكن من التوصل إلى رأي علمي في هذا الشأن.

وفي بيت منسوب إلى أمية إشارة إلى الحنيفية، ذكر فيه أن كل دين زور عند الله إلا دين الحنيفية. وقد رأينا أن أهل الأخبار يدخلون أمية في جملة


١ تفسير الطبري "١١/ ١٧ وما بعدها"، تفسير القرطبي "٧/ ٣٢٠"، "٨/ ٢٥٣ وما بعدها".
٢ الإصابة "٣/ ٣٠٥"، "رقم ٧٥٣٢".
٣ الإصابة "٢/ ٤٩٦"، "٥٦٧٧".
٤ Wellhausen, Reste, S. ٢٣٩. f.

<<  <  ج: ص:  >  >>