للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من بين أهل مقنا وأيلة في أيام الرسول قوم من اليهود كذلك، وكذلك أهل بقية القرى الواقعة في أعالي الحجاز وعلى ساحل البحر، وقد صالحوا الرسول على الجزية، وبذلك ضمنوا لهم البقاء في هذا الأنحاء١. ومن هؤلاء اليهود "بنو جنبة"، وهم يهود بـ"مقنا"٢، و"بنو غاديا"٣، و"بنو عريض"٤.

وكان بالطائف قوم من اليهود طردوا من اليمن ويثرب، فجاءوا إليها، ولم تكن قد أسلمت بعد، فأقاموا بها للتجارة. فلما صالح أهل الطائف الرسول -على أن يسلموا ويقرهم على ما في أيديهم من أموالهم وركازهم، واشترط عليهم ألا يربوا ولا يشربوا الخمر وكانوا أصحاب ربا- وضعت الجزية على يهودها، وبقوا فيها، ومن بعضهم ابتاع معاوية أمواله بالطائف٥.

ويظهر إنه لم تكن لليهود جاليات كبيرة في جنوب المدينة حتى اليمن، لعدم إشارة أهل الأخبار إليهم، وإن كنت لا أستبعد وجود أفراد وأسر منهم في مكة وفي عدن وفي المدن التي اشتهرت بالتجارة كبعض موانئ البحر الأحمر وموانئ سواحل العربية الجنوبية. غير أن وجودهم في هذه المواضع، لم يكن له أثر واضح مهم، فلم يتجاوز محيط التجارة والاتجار.

وقد ذهب بعض المستشرقين، استنادًا إلى دراسة أسماء يهود الحجاز عند ظهور الإسلام، إلى أن أولئك اليهود لم يكونوا يهودا حقًّا، بل كانوا عربا متهودين، تهودوا بتأثير الدعاة اليهود٦. ولكن الاستدلال من دراسة الأسماء على أصول الناس، لا يمكن أن يكون حجة للحكم على أصولهم وأجناسهم. فالفرس والروم والهنود وغيرهم ممن دخل في الإسلام، تسموا بأسماء عربية، وبعضها أسماء عربية خالصة. وتسمياتهم هذه لا تعني أن من تسمى بها كان عربي الأصل. ثم إن كثيرًا من اليهود في الغرب وفي أمريكا وفي البلاد العربية والإسلامية، سموا أنفسهم بأسماء غير عبرانية، ولكنهم كانوا وما زالوا على دين يهود،


١ البلدان "٨/ ١٢٨" "مقنا"، البلاذري، فتوح "٦٦"، زاد المعاد "٢/ ١١٧"، الطبري "٢/ ٢٣٢ وما بعدها".
٢ ابن سعد، طبقات "١/ ٢٧٦".
٣ ابن سعد، طبقات "١/ ٢٧٩".
٤ ابن سعد "طبقات" "١/ ٢٧٩".
٥ البلاذري، فتوح "٦٣".
٦ W CaskeI Das attarabIsche koningreich Lihyan S ١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>