للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس في القرآن الكريم تحديد لأسفار التوراة، ولكن اقتران اسم موسى بها في بعض الموارد منه يشير إلى أن المراد بها ما يقال له بـ "الأسفار الخمسة" Pentateuch عند الغربيين. وهذه الأسفار الخمسة هي الأسفار المنزلة المكتوبة التي نزلت على موسى على رأي قدماء العبرانيين. ثم توسعوا في مدلول اللفظة فيما بعد، فأطلقوها على جميع الأسفار التي يقال لها العهد القديم. وأطلقتها بعض الفرق على غيرها من الأسفار مثل الأنبياء "نبيم" Nebiim، والكتب "كتوبيم١" Kettubim.

وقد أورد القرآن في مخاطبة يهود وتقريعهم قصصًا عن الأنبياء والمرسلين والأمم القديمة، منه ما هو مذكور عندهم في الأسفار الخمسة، ومنه ما هو وارد عندهم في "الهكاده" وفي "المشنه". ولما كان في احتكاك الإسلام بيهود كان لأول مرة في منطقة يثرب، صارت معظم الإشارات الواردة في القرآن الكريم إلى التوراة في السورة المدنية لمخاطبة الوحي لهم، وتوجيه الكلام مباشرة إليهم، ولم ترد تلك التسمية في الآيات المكية إلا في موضع واحد هو في سورة الأعراف٢.

والمراد من "الكتاب" الذي أنزل على موسى، والمذكور في مواضع من القرآن الكريم التوراة، أي هذه الأسفار الخمسة التي نتحدث عنها٣. وهو تعبير قرآني لا نستطيع أن نقول إنه كان من مصطلحات الجاهليين، كما أننا لا نستطيع نفي ذلك، إذ يجوز أن يكون الجاهليون قد أطلقوه على تلك الأسفار، أو على العهد القديم كله، بمعنى هذه الأسفار وبقية ما ورد فيها من أخبار الأيام والملوك والأنبياء.

وقد ورد في الأخبار عن "أبي هريرة"، أنه "كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله" ٤.


١ Uni-Jew. Ency., ١٠, P. ٦٨٨, Katsh., P. ١٩١.f
٢ الأعراف: الآية ١٥٧ Ency IV p ٧٠٦
٣ "ولقد آتينا موسى الكتاب"، البقرة، الآية ٧٨، ورح المعاني "١/ ٣١٦"، تفسير الطبرسي "١/ ١٥"،المفردات للأصفاني" ٤٣٧"
٤ "كتاب تفسير القرآن"، سورة البقرة: ٢رقم ١١، البخاري "٣/ ١٩٨""طبعة ليدن".

<<  <  ج: ص:  >  >>