للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشعراء اليهود الذين ذكرهم الجمحي في كتابه "طبقات الشعراء"، هم: السموأل بن عادياء، والربيع بن أبي الحقيق، وهو من "بني النضير"، وكعب بن الأشرف، وشريح بن عمران، وشعبة بن غريض "شعبة بن غريض" وأبو قيس بن رفاعة، وأبو الذيال، ودرهم بن زيد. وقد ذكر لهم أبياتا مما قالوه من الشعر١.

والسموأل، وهو من سادات يهود الحجاز ومن أثريائهم وملاكهم، أحسن الشعراء اليهود حظًّا في الخلود. بقيت أشعاره، وحفظت قصائده، ولم يبخل علماء الشعر عليه، فجمعوا شعره في ديوان. ولم يشأ الزمان أن يبخل عليه، فهيأ له من طبعه. ولا تزال تلك القصة: قصته مع مخلفات امرئ القيس مضرب الأمثال. وصير هذا الشاعر الملاك المرابي مثلا وقدوة للأوفياء، فضرب به المثل وقيل: أوفى من السموأل، ولعل القصيدة المبتدئة بهذه الأبيات:

وفيت بأدرع الكندي، إني ... إذا ما ذم أقوم وفيت

وأوصى عاديا يوما بألا ... تهدم يا سموأل ما بنيت

بنى ليه عاديا حصينا ... وماء كلما شئت استقيت

هي التي خلدت هذه القصة، وصيرت لها فروعا وذيولا، وهي قصة تجعل الكندي المقصود بها هو الشاعر الشهير امرأ القيس، وهي التي خلدت اسم صاحب ذلك الحصن.

ونجد هذه القصة في قصيدة للأعشى، يقال إنه قالها مستجيرا بابن السموأل شريح، ليفكه من أسره، وكان قد وقع أسيرا في يد رجل كلبي كان الأعشى قد هجاه، ثم ظفر به الكلبي، فاسره وهو لا يعرفه، فنزل بشريح بن السموأل وأحسن صيافته، فلما مر بالأسرى، قال الأعشى أبياتا يمحده فيهان ويمدح أباه، ويذكر كيف أن أباه اختار أدراع الكندي، وأبي إلا أن يسلمها إلى آله وذويه، على أن يسلمها إلى آسري ابنه إذا أطلقوه. وهي أبيات نجته من أسر الكلبي، ففر منه بعد أن وهبه لشريح وهو لا يعرف به. فلما عرف به، ندم. ولكن ندمه هذا لم يفده شيئًا لأنه جاء بعد فوات الوقت٢.


١ "ص٧٠ وما بعدها".
٢ الأغاني "١٩/ ٩٩ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>