للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبعد الله داره وأوقد نارًا أثره١.

ولا بد أن يكون للنار الموقدة على المزدلفة صلة ما بعقائد الجاهليين القديمة في النار. وينسب الإخباريون هذه النار إلى "قصي بن كلاب"، يقولون إنه أوقدها على المزدلفة حتى يراها من دفع من عرفة في أيام الحج. وقد بقي الناس يوقدونها إلى الإسلام٢.

ومن نيران العرب، نار الغدر، وتوقد بمنى أيام الحج على أحد الأخشبين، جبلي مكة: أبي قبيس وقعيقعان، أو أبو قبيس والأحمر. فإذا استعرت، صاح موقدها: هذه غدرة فلان، ليحذره الناس، وليعلموا أن فلانا قد غدر بجاره٣.

وأما "نار السلامة"، فهي التي توقد للقادم من سفر سالما غانما، وقد عرفت لذلك بـ نار المسافر" أيضًا٤. و"نار السليم"، هي النار التي توقد للملدوغ وللمجروح ولمن ضرب بالسياط ولم عضه الكلب الكلب، ويقولون إنها إنما توقد لكي لا يناموا، فيشتد بهم الأمر ويؤدي إلى الهلالك٥.

وأما "نار الحرب"، فهي النار التي كانوا إذا أرادوا حربًا، وتوقعوا جيشًا عظيمًا، وأرادوا الاجتماع أوقدوا ليلا على جبلهم نارًا، ليبلغ الخبر أصحابهم. وإذا جدوا في جمع عشائرهم إليهم أوقدوا نارين٦.

ونار الصيد، هي نار توقد للظباء وللحيوانات الأخرى، فتغشاها إذا نظرت إليها٧.


١ قال الشاعر:
وجمة أقوام حملت، ولم آكن ... كموقد نار أثرهم للتندم
اللسان "٥/ ٢٤٣"، "نور".
٢ صبح الأعشى "١/ ٤٠٩"، نهاية الأرب "١/ ١٠٩ وما بعدها، نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب "٤٦٢" الكامل، لابن الأثير "٢/ ١٧"، نزهة الجليس "٢/ ٤٠٦".
٣ بلوغ الأرب "٢/ ١٦٢"، نهاية الأرب "١/ ١٠٩ وما بعدها"، نزهة الجليس "٢/ ٤٠٦".
٤ الحيوان "٤/ ٤٧٣"، نزهة الجليس "٢/ ٤٠٦.
٥ بلوغ الأرب "٢/ ١٦١ وما بعدها"، صبح الأعشى "١/ ٤١٠".
٦ الحيوان "٤/ ٤٧٤ وما بعدها"، "٥/ ١٣٣"، صبح الأعشى "١/ ٤٠٩"، نزهة الجليس "٢/ ٤٠٦".
٧ صبح الأعشى "١/ ٤١٠"، نزهة الجليس "٢/ ٤٠٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>