للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد بت ضيفا لعظيم الوادي ... المانعي من سطوة الأعادي

راحلتي في جاره وزادي

وقالوا إنهم كانوا في الجاهلية إذا نزلوا منزلا يقولون: نعوذ بأعز أهل هذا المكان. يقولون ذلك عند نزولهم واديا في الغالب إذ نجد الرواة يكررون عبارة: "كانوا إذا نزلوا الوادي، قالوا: نعوذ بسيد هذا الوادي"، أو "بعزيز هذا الوادي"٢. ويظهر أنهم تخوفوا من الوديان خاصة، لما قد يقع فيها من مهالك، فنسبوا ذلك إلى فعل الجن.

وقال آخر يستجير بجن "عالج" ويتوسل إليهم ألا يرهقوه بغوي هائج، إذ يقول:

يا جن أجزاء اللوى من عالج ... عاذ بكم ساري الظلام الدالج

لا ترهقوه بغوي هائج

وقال آخر:

أعوذ من شر البلاد البيد ... بسيد معظم مجيد

أصبح يأوي بلوى زرود ... ذي عزة وكاهل شديد

وقد استعاذ رجل منهم ومعه ولد، فأكله الأسد فقال:

قد استعذنا بعظيم الوادي ... من شر ما فيه من الأعادي

فلم يجرنا من هزبر عادي٣

وذكر أهل الأخبار أن الجاهليين كانوا يرون أن الجن تعزف في المفاوز بالليل. والعزف والعزيف صوت الجن، وهو جرس يسمع بالمفاوز. وهو صوت يسمع بالليل كالطبل. وروي عن "ابن عباس" قوله: "كانت الجن تعزف بالليل كله بين الصفا والمروة"٤. وقد اشتهر موضع "العزاف"، وقيل "ابرق


١ بلوغ الأرب "٢/ ٣٢٦".
٢ تفسير الطبري "٢٩/ ٦٨ وما بعدها".
٣ بلوغ الأرب "٢/ ٣٢٦".
٤ تاج العروس "٦/ ١٩٧"، "عزف".

<<  <  ج: ص:  >  >>