للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستقبلهم. وكانت الأسواق مثل سوق عكاظ موئلا لهم. فكان العراف فيها يربه الناس صبيانهم، ويقول عنهم ما يجول بخاطره، وذلك بالتفرس في وجه الصبي، ومفارنة ذلك بما حصل عليه من تجارب في هذا الباب١.

وفي اللغة العربية كلمة قديمة أخرى لها صلة بموضوعنا هذا، هي "القيافة". ويقصد به التنبؤ والإخبار عن شيء بتتبع الأثر والشبه٢. وتدخل في ذلك قيافة آثار الأقدام والأخفاف والحوافر للاستدلال مها على أصحابها، وتعيين النسب في حالة الشك فيه. وما زالت القيافة معروفة عند العرب حتى الآن. وقد اشتهرت بها "بنو مدلج" خاصة، حتى قيل للقائف "مدلجي" بسبب هذا الاختصاص٣، وبنو لهب٤، وأحياء مضر٥.

ويرى "المسعودي" أن القيافة من الأمور التي برع بها العرب واختصوا بها، وصار لهم مران وخبرة بها، وذكر أن ممن عرف واشتهر بها "محرز المدلجي"، وقد تعجب الرسول من قيافته وصدقه٦.

وذكر أهل الأخبار أن "الحازر"، هو من يحزر الأشياء، وأن "الحزارة" في معنى القيافة.

وأما "الفراسة"، فتكون بالاستدلال بهيأة الإنسان وأشكاله وأقواله على صفاته وطبائعه. وقد ذهب بعض المستشرقين بهيأة الإنسان وأشكاله وأقواله على صفاته وطبائعه. وقد ذهب بعض المستشرقين إلى أنها من الكلمات المعربة التي أخذت من "بني إرم"، وإنها أحدث عهدا من لفظة "القيافة" التي هي من الكلمات العربية الجاهلية٧. وقد توسع في معناها وألف فيها الكتب في الإسلام وتبحر فيها بعض أئمة الفقهاء مثل الشافعي٨.

وأما "العيافة" فهي التنبؤ بملاحظة حركات الطيور والحيوانات ودراسة أصواتها،


١ السيرة الحلبية "١/ ١١٤".
٢ اللسان "١١/ ٢٠١ وما بعدها"، مروج الذهب "٢/ ١٤٤".
٣ المستطرف "٢/ ٨٢", Ency., II, p. ١٠٤٨, Muh. Stud, I, S. ١٨٤.
٤ بلوغ الأرب "٣/ ٢٦٢".
٥ مروج "٢/ ١٤٩".
٦ مروج الذهب "٢/ ١٥٠".
٧ Ency., II, p. ١٠٨.
٨ النهاية "٣/ ٢٠٧ وما بعدها"، بلوغ الأرب "٣/ ٢٦٣ وما بعدها"، نهاية الأرب "٣/ ١٤٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>