للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشتهرت خيبر بكثرة تمورها كذلك، حتى ضرب بها المثل في كثرته كما ضرب المثل بكثرة تمر هجر، قال "حسان بن ثابت":

فأنا ومن يهدي القصائد نحونا ... كمستبضع تمرًا إلى أهل خيبرا

وقال "خارجة بن ضرار المري":

فإنك واستبضاعك الشعر نحونا ... كمستبضع تمرًا إلى أهل خيبرا١

ولا تزال أرض خيبر تحتضن النخيل وتتعهدها بالعناية والرعاية، وقد وصف "فلبي" موضعها في الوقت الحاضر، وذكر أن الذي يعتني بالنخيل، هم قوم من "العبيد"، يقومون بفلاحة الأرض وبالعناية بالشجر، مقابل الحصول على نصف الحاصل، فإذا حل موسم القطاف، أخذت الحكومة حصتها قبل اقتسام الحاصل، ثم قسم الباقي بين الأعراب الذين يدعون ملكية الأرض وبين العبيد الذين يسهرون طيلة أيام السنة على رعاية الشجر وعلى الزرع، والمفروض أن تكون القسمة قسمة عادلة، قسمة مناصفة، غير أن الأعراب يشتطون في القسمة فيأخذون لهم أكثر مما يأخذ العبيد٢. وينطبق هذا الوصف على حالة قسمة الحاصل في المواضع الأخرى من جزيرة العرب في الجاهلية، ولا سيما في العربية الجنوبية. فقد كان جباة الحكومة أول من يأخذ حصة الحكومة، أو حصة الحاكم المهيمن على المكان، ثم يأتي دور صاحب الأرض، الذي يحاول الاستئثار بالحاصل حتى لا يترك للفلاح الذي يفلح ويتعب ويكد إلا أقل ما يمكن إعطاؤه له.

وبأرض خيبر جملة عيون ومسايل ماء، لا زال الناس يزرعون عليها. وتوجد آثار نقوش وكتابات تشير إلى سكن كان بهذا الموضع يعود إلى أيام الجاهلية. وقد عثر "فلبي" على نقود قديمة، ومن الممكن استصلاح أرض خيبر وتحويلها إلى أرض زراعية منتجة.

و"تيماء" من المناطق الخصبة كذلك. وتشاهد آثارها ظاهرة للعيان. وقد حصل المنقبون على مجموعات أثرية منها، في جملتها قطع من النقود تعود إلى


١ تاج العروس "٥/ ٢٧٨"، "بضع".
٢ عبد الله فلبي، أرض الأنبياء "ص٣٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>