للاستفادة من الفحم الحاصل من ذلك في أغراض شتى. ويحمله أصحابه إلى أهل المدر، لبيعه لهم، أو لمقايضته من الباعة بمواد أخرى يحتاجون إليها، وقد أدى الإسراف في ذلك وفي قلع الأشجار البرية النابتة بالطبيعة دون التعويض عنها بزراعة غيرها في مكانها، إلى تحول الأرضين الشجراء إلى أرض جرداء، وإلى إلحاق ضرر كبير بمصدر ثروة مهمة من الثروات الطبيعية.
وتشاهد في كثير من المناطق الجبلية والنجود بقايا أشجار قديمة وأصول أشجار ممتدة بين الصخور تدل على أن هذه المناطق الجرد كانت ذات أشجار باسقة، ولكنها أصابها الدمار بفعل جهل الإنسان واعتدائه عليها، وعدم عنايته بها، فتلفت وبادت، حتى استحالت تلك البقاع الشجراء قفارًا جردًا.
وكان مما ضيق من مساحة الأرضين المشجرة، التي شجرتها الطبيعة بنفسها، قطع الإنسان للشجر من عروقه أو من موضع اتصال الساق بالأرض، للاستفادة من المقطوع إلى أقصى حد ممكن، مما أهلك النبت، فأمات عروقه، وقطع عنه مادة الحياة، ولم يحفل بغرس آخر في مكانه، ليأخذ محله؛ لأن الأرض ليست أرضه، وإنما هو يريد بيع الخشب والحطب ليستفيد من الثمن، فقلت مساحة الأرض المشجرة بالطبيعة، بهذا التجاوز الفظيع، ولم تعوض الطبيعة الإنسان عن الضرر الذي ألحقه بنتاجها، فقد أعطته كثيرًا، وكان من الواجب عليه أن يعينها في الإنبات، لا أن يعمل على إفساد ما زرعته.