للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داوود"١. و"تر" نخيل وحصون عادية وغير عادية٢.

إلى غير ذلك من قرى وقصور وحصون قديمة ذكرها أهل الأخبار، أشرت إلى بعض منها في مواضع من هذا الكتاب، نشأت ونبتت في البوادي، في المواضع التي أمكن للإنسان بفنه البدائي وبعلمه في ذلك الوقت من استنباط الماء فيها. وبظهور ذلك الماء نبتت مستوطنات وزروع ونخيل وملكيات في أرض كانت ميتة ليس لها مالك، فأحياها استنباط الماء منها، وجعلها ملكًا لأصحاب الماء.

وقد كانت هذه الآطام والحصون معاقل لأصحاب الأرض ومنازل لهم، ومخازن يخزنون بها حاصل أرضهم وماشيتهم عند دنو الخطر، وقد يحتمي بها عبيدهم وأتباعهم، فهي مثل قلاع الأشراف النبلاء في أوروبة أيام الإقطاع، ومثل المحافد والقصور في اليمن. وهي تختلف في الحجم والسعة باختلاف درجة ومنزلة المالك للأرض، من حيث تملكه للمال وللخدم والعبيد وما عنده من ثراء، وقد صارت سببًا في تحويل أصحابها إلى حضر أو شبه حضر، ولو أنهم كانوا وسط بواد وبين أعراب، فإقامتهم في أبنية مستقرة وحرثهم الأرض وزرعها، واستخدامهم للعبيد في الفلاحة، طورتهم بعض التطوير، حتى صاروا على شاكلة الحضر، يتركون منازلهم لزيارة القرى والأرياف، ويتصلون بالحضر وقد يقيمون بينهم على نحو ما يفعله كثير من سادات "شيوخ" القبائل في الوقت الحاضر، وكان جل سادات القبائل الكبار من أصحاب الأبنية الثابتة، لهم منازلهم ومزارعهم وأعرابهم الذين لم تمكنهم أحوالهم المادية من تملك الأرض والزرع، فاشتغلوا برعي الإبل.

وقد تتعرض مزارع هذه المستوطنات إلى الأخطار مع وجود الحصون وأبنية الحماية الأخرى، فالمزارع الكبيرة لا يمكن حمايتها إلا إذا حميت بحصون عديدة من جميع جهاتها، وحمايتها على هذا النحو عمل مكلف باهظ، لذلك كان المهاجم يهاجم الزرع ليحرق قلوب أصحاب المتحصنين في الحصن، فلما هاجم "بنو يربوع" "بني يشكر"، تحصن "بنو يشكر" بحصنهم بقرية "ملهم"،


١ الصفة "١٤١".
٢ الصفة "١٤١".

<<  <  ج: ص:  >  >>