للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الكلأ في أرض عامة، فإنه يكون أيضًا ملكًا للجميع، أي مشاعًا بينهم. فلا يجوز لأي أحد منع آخر من الاستفادة منه؛ لأنه مشترك بين الجميع، فلا يكون أحد أخص به من أحد، ولو أقام عليه وبنى عليه. وباستثناء الأحماء فإن الكلأ النابت في موطن قبيلة هو لكل أبناء القبيلة، ليس لأحد صد أحد عنه إلا إذا كان غريبًا عن القبيلة دخل أرضها بغير إذن من أبنائها وهو ليس في حماية أحد منها. فالكلأ في البادية لا يعود لمالك فرد، وإنما هو ملك القبيلة، أبناء القبيلة فيه شركاء، يرعون فيه سواء١.

وقد ورد في الحديث، أنه قال: الناس شركاء في ثلاث: الكلأ والماء والنار. ومعنى النار الحطب الذي يستوقد به، فيقلع من عفو البلاد. وكذلك الماء الذي ينبع، والكلأ الذي منبته غير مملوك والناس فيه مستوون. وذهب بعضهم إلى أن الماء ماء السماء والعيون والأنهار التي لا مالك لها، وأراد بالكلأ المباح الذي لا يخص به أحد، وأراد بالنار الشجر الذي يحتطبه الناس من المباح فيوقدونه٢. فكل هذه الموارد الثلاثة، موارد مشاعة للجميع، يشترك في الانتفاع بها كل الناس. وهو مذهب أهل الجاهلية أيضًا، ما لم يبسط أحد من الملوك أو سادة القبائل سلطانه عليها، وبعلن أنها في حمايته، إذ تكون حينئذ ملكًا له.


١ تاج العروس "١٠/ ٩٩"، "حمى".
٢ اللسان "١٠/ ٤٤٩"، "شرك".

<<  <  ج: ص:  >  >>