للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى حيث ينتفعون بها١. وكان في "يليل" عين كبيرة تخرج من جوف رمل من أعذب ما يكون من العيون وأكثرها ماء، لم يزرعوا عليها إلا في مواضع يسيرة؛ لأنها تجري في رمل٢، ولم يكن علم على ما يظهر في كيفية استخراج هذا الماء من ذلك الرمل. وكان في إمكانهم مسك مسايل الماء من الجري نحو البحر، وحبسها في أحباس، بصنع سدود لها، لو كان لهم علم ومال وحكومة كبيرة تكون عندها المؤهلات والإمكانيات لعمل السدود، للاستفادة من مياه بعض المنابع التي كانت تجري طيلة أيام السنة، فتحول بينها وبين الذهاب عبثًا على البحر، فتحيي بذلك أرضين مواتًا وعدم وجود حكومات كبيرة تقوم بمثل هذه الأعمال بضبط الأمن. وإشاعة الاستقرار، هو من أهم العوامل التي كانت سببًا في عدم الاستفادة من المياه وفي تأخر الزراعة في جزيرة العرب، فلو كانت هنالك حكومات كبيرة، لكان في وسعها الاستفادة من المياه الظاهرة والباطنة ومن مياه السماء، فتحيي بذلك أرضين كثيرة خصبة، وتحمي الزرع من عبث العابثين وتشيع الأمن والطمأنينة في النفوس فيقبل الناس على الزرع والعناية بالضرع.

وقد ذكر "عرام" اسم موضع دعاه "ذا مجر"، ذكر أنه غدير كبير في بطن وادي قوران، وبأعلاه ماء يقال له "لقف"، وهو آبار كثيرة، عذبة المياه، ليس عليها مزارع ولا نخل، لغلظ موضعها وخشونته، وفوق ذلك ماء يقال له "شسي" ماء آبار عذاب٣. وذكر اسم جبل يقال له "مغار" في جوفه أحساء، منها حسي يقال له "الهدار" يفور بماء كثير، لم يستفد منها فائدة تذكر٤، فكانت المياه تذهب عبثًا إلى سباخ لعدم وجود من يتغلب عليها بعقله وبعلمه وبماله ويستروضها لتخدمه في إحياء الأرض وفي إعاشته وإعاشة ماشيته.

أما العربية الشرقية والعربية الوسطى، فإنهما أقل مياهًا من العربية الغربية، لقلة ما يسقط عليهما من الأمطار. ولذلك صارت مواضع الماء فيها متباعدة، والمسافات التي يجب أن يقطعها المسافرون من موضع إلى موضع أطول من المسافات التي تقطع بين منازل العربية الغربية، لتباعد مواضع المياه. ومن أهم موارد الماء


١ عرام، أسماء جبال تهامة "٤٠٧".
٢ عرام، أسماء جبال تهامة "٣٩٨".
٣ عرام، أسماء جبال تهامة "٤٣٣".
٤ عرام، أسماء جبال تهامة "٤٣٣ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>