للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سدى، فحفروا الصهاريج العميقة في البيوت وفي أماكن أخرى ليسيل إليها، وسلطوا مياه الميازيب على أماكن تسيل منها إلى هذه الصهاريج. ولا يزال بعض الميازيب الجاهلية في حالة جيدة يستعمل في الأغراض التي صنع من أجلها. وهي مصنوعة من الصخور، وبعضها من المرمر الأبيض الجميل. وفي مسجد "حصن غيمان"، صهريج جاهلي قديم، يستعمل لخزن المياه. وهناك صهاريج عديدة في هذا الموضع، كلها من أيام الجاهلية. وبعضها مفتوح على هيأة حوض، وأكثره من النوع المغطى والمنقور في الصخر. وقد تساقطت سقوف بعض هذه الصهاريج أو أصيبت بتلف في بعض أقسامها وظهرت هيآتها للعيان، فعرفت أشكالها وأعماقها، ولبعضها ممرات توصل بعضها ببعض، فتجعلها كأنها شبكة تربط مساحة واحدة تملأ بالماء تحت سطح الأرض. ولهذه الصهاريج فتحات تستخرج منها المياه للإرواء١.

ولهذه الصهاريج أهمية خاصة في أيام الحروب، إذ تمنع العدو من قطع الماء عن المحاصرين، وبذلك يستطيعون البقاء مدة طويلة يدافعون عن أماكنهم خلف الأسوار.

وقد استخدمت الصهاريج لخزن الماء، حتى البيوت استخدمتها لذلك، فكان إذا وقع الغيث سال إلى هذه الصهاريج فخزنته. وقد اتخذ أهل المدن الصهاريج الكبيرة لتموين الناس بالماء، وبنوا الصهاريج في المعابد ليستفيد منها المتعبدون القادمون إليها ورجال الدين.

وقد عثر على صهاريج عديدة في حضرموت وفي اليمن، عرفت عند الحضرميين بـ"نقب". وهي عبارة عن حفر نقرت في الصخور وفي المواضع الحجرية وفي مواضع أخرى، يبلغ قطر أفواهها وفتحاتها زهاء المتر في الغالب. أما أعماقها فهي مختلفة وكذلك أقطارها السفلى أي من جهة قواعدها، فقد عثر على بعضها، وأعماقها تتراوح من ثلاثة أمتار إلى أربعة، وأقطارها السفلى تتراوح من خمسة أمتار إلى ستة. ويقال لعملية الحفر "نقب" كما في هذه الجملة: "نقبو نقب"٢ أي "نقبوا نقبًا"، ومعناها "حفروا نقبًا"، و"حفروا صهريجًا".


١ Sabaeica, I, S. ٧٦.
٢ Ry ٦٣, Wissmann Und Hofner, Beitrage, S. ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>