للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشك بعض دراسي التوراة في كون "يقطان" المذكور هو "قحطان" الذي يذكره علماء الأنساب، ويرون أن نظرية من يجعل قحطان هو "يقطان"، نظرية لا تستند إلى أساس، وإنما وضعت على التشابه الموجود بين اللفظين، وهذا التشابه هو الذي دفع علماء الأنساب إلى اعتبار "قحطان" "يقطان"، فمن ثَمَّ صار "يقطان" جدًّا للعرب القحطانيين١. ولكنهم لا ينكرون مع ذلك أن "يقطان" التوراة، هو جد قبائل ذكرت التوراة أسماءها، وبعضها قبائل عربية معروفة، فلا يستبعد أن يكون "يقطان" على رأيهم كناية عن قبائل عربية لم يكن العبرانيون على علم بها تمام العلم٢.

ولم ترد في القرآن الكريم لفظة "قحطان" أو "يقطان", ولم ترد كذلك في الكتابات الجاهلية, أما الشعر الجاهلي، فقد وردت فيه في مواضع الفخر والحماسة. وإذا وافقنا على أنها وردت في الجاهلية القريبة من الإسلام، فإن موافقتنا هذه لا تعني أن قدماء أهل الجاهلية البعيدين عن الإسلام كانوا على علم بـ"قحطان"، أو أن قومًا منهم كانوا ينتمون إليه وينتسبون بنسبه, فحكم مثل هذا لا بد أن يستند إلى كتابات وأدلة مقبولة؛ ولهذا رأى نفر من المستشرقين أن الأخباريين جاءوا بقحطانهم هذا من التوراة، من تأثرهم بأهل الكتاب، ومن مطالعتهم للتوراة، فحولوا النزاع الذي كان بين أهل اليمن وفيهم "سبأ"، والنزاع الذي كان بين أهل مكة وبين أهل مكة ويثرب التي ينتمي أهلها إلى اليمن, إلى نزاع بين جدين، وصار "قحطان" وليد "يقطان" "يقطن" جدًّا حقيقيًّا ليمن ولمن نسب نفسه إليهم من الأفراد والقبائل٣.

وقد ورد في جغرافية "بطلميوس" اسم قريب من "قحطان" هو "كتنيتة" "كتانيتة" ٤Katanitae، قد يكون دليلا على وجود أسماء عند الجاهليين قريبة من "قحطان". أما هذه التسمية، فإننا لا نستطيع أن نقول: إن لها علاقة بقحطان، فالتشابه في التسميات، لا يكون دليلا قاطعا على وحدة تلك


١ Hastings, P. ٤٩١.
٢ Hastings, P. ٤٩٠.
٣ Enc. Vol. ٢, P., ٦٢٩.
٤ ptolemy, geogr, VI, ٧, ٢٠, glaser, skizze, bd., ٢, s., ٢٨٣, knobel die voelkerstafel der genesis, s. ١٨٥, the historical geography, vol. I, P. ٨٠, o'leary, P. ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>