للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي القرآن الكريم لفظة "تجارة" و"تجارتهم" ومصطلحات أخرى عديدة ذات صلة بالاتجار والتجارة والمعيشة والكسب. كما أن فيه إشارات كثيرة إلى تجارة قريش وإلى أثر التجارة في حياة الناس في ذلك الوقت. وفيه تحريم للربا وتوبيخ وتقريع و {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ١. وفيه أمور أخرى توحي إلينا بما كان للتجارة من أثر كبير في حياة أولئك الجاهليين. بل نجد القرآن الكريم يحاججهم ويناقشهم ويخاطبهم بلغتهم التي يفهمونها لغة الربح والخسارة والكسب والثواب والعقاب، والتأجيل والتعجيل، وما أشبه ذلك من كلام له أبلغ الوقع والإدراك في نفس التاجر، الذي يعي الناحية المادية من ربح وخسارة وكسب وتوفير، أكثر من وعيه وإدراكه للأمور الروحية التي لا يفهمها كثيرًا؛ لأنها ليست من صميم حياته ومحيطه العملي.

والتجارة أنواع كثيرة، تشمل كل أنواع البيع والشراء. والتاجر، هو الذي يتاجر في الأسواق. غير أن منهم من تخصص في نوع خاص من أنواع التجارة مثل بيع الحبوب، وقد يتخصص ببيع نوع خاص من الحبوب، مثل الحنطة، فيقال له: "حنّاط" وحرفته "الحناطة"٢. وقد يتخصص ببيع وشراء "البز"، فيقال له "البزاز" وحرفته "البزازة"٣. وقد يتخصص ببيع "الزيت"، فيقال لبائعه "الزيات" وللذي يعتصره "الزيات" كذلك٤.

وتكون التجارة بالمقايضة، وهي المعاوضة، إذا عارض التاجر أو أي شخص متاعًا بمتاع آخر، وبادل سلعة بسلعة أخرى٥. وهي الطريقة القديمة في الاتجار، قبل أن يتعامل بالذهب والفضة وزنًا، في تقييم قيم الأشياء، وقبل أن تعرف النقود، التي ولدت من التعامل بالذهب والفضة. وطريقة المقايضة أو المبادلة أو المعاوضة، لا تزال طريقة قائمة معروفة، تتبعها الدول، في تصريف منتجاتها بمنتوجات أخرى عوضًا عن النقد، لحاجتها إلى النقد وإلى تصريف حاصلاتها


١ سورة المطففين، الآية ١ وما بعدها.
٢ تاج العروس "٢/ ١٢١"، "حنط".
٣ إرشاد الساري "٤/ ١٣، تاج العروس "٤/ ٨، "بزز".
٤ تاج العروس "١/ ٥٤٧"، "زيت".
٥ تاج العروس "٥/ ٨١"، "قيض".

<<  <  ج: ص:  >  >>