للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنجد في الأخبار أنهم كانوا يفتخرون بالسيوف الهندوانية، أي المصنوعة بالهند، أو المعمولة من حديد هندي، أو المعمولة على طراز سيوف الهند، وقد عثر المنقبون على مصنوعات معدنية، تبين لديهم أنها من مصنوعات الرومان والروم، مما يدل على أنها قد استوردت من الخارج، أو أن العمال والمشتغلين في الصناعات المعدنية، كانوا قد رأوا تلك النماذج فعملوا على محاكاتها وصنع أمثالها. ونظرًا لتأخر الصناعة عند الجاهليين، وإلى نظرتهم الازدرائية إليها واحتقارهم لمن كان يشتغل بها، فلا يعقل أن تجد مصنوعاتهم المعدنية مكانة لها بين المنتوجات المماثلة لها في الأسواق الخارجية. لهذا اقتصرت صادرات جزيرة العرب إلى الخارج على المواد الخام، المتيسرة في بلاد العرب، أو المستوردة من أفريقية أو من الهند ومن وراء بلاد الهند، وأهما العطور والطيب والجلود.

وكان "الطيب"، من أهم المواد التي تاجر بها العرب الجنوبيون. تاجروا بتصديره إلى خارج العربية الجنوبية إلى بلاد الشأم ومصر والعراق وتاجروا به في الداخل أي في العربية الجنوبية. وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب. وقد عرف "الطيب" بـ"طب" "طيب" في لغة المسند١. ويستخرج الطيب من أنواع متعددة من الأشجار، ويجلب بعضه من الخارج من الهند وأفريقية، ويصدر إلى مصر وأسواق بلاد الشأم والعراق.

والبخور من المواد الثمينة ذات السعر العالي بالنسبة لتجارة ذلك الوقت. والبخور ما يتبخر به، وثياب مبخرة مطيبة٢. وقد كانوا يحرقون البخور في المباخر، ويبخرون به المعابد والأصنام، كما كانوا يبخرون الضيوف، ويطيبون ثيابهم به. ومنه "القسط"، وهو عود هندي يتبخر به، يجاء به من الهند، يجعل في البخور والدواء. ويوجد قسط عربي. وورد "قسط أظفار"، قيل هو ضرب من الطيب، وقيل من العود٣. وعندي أنه "قسط ظفار"، نسبة إلى "ظفار" قرب مرباط بالعربية الجنوبية، وتعرف بـ"ظفار الساحل"، نسب إليه العود الذي يتبخر به؛ لأنه يجلب إليها من الهند، ومنها إلى اليمن، كنسبة الرماح إلى "الخلط"، فإنه لا ينبت به، وإنما تجلب من الهند٤. وقد أشير


١ Muller, Biblische Studien, Iii, S. ٨٥.
٢ تاج العروس "٣/ ٣٢"، "بخر".
٣ تاج العروس "٥/ ٢٠٥"، "قسط".
٤ تاج العروس "٣/ ٣٧٠"، "ظفر".

<<  <  ج: ص:  >  >>