وروماني، كذلك نجد أخبارًا لأشخاص يونانيين ورومانيين ذهبوا إلى أرض سبأ للاتجار.
ولم يجد الرومان ولا اليونان مقاومة تذكر حينما ولجوا البحر الأحمر والمحيط الهندي. لقد كانت سفنهم أكبر وأقوى من سفن العرب، وأحدث منها، وأقدر على الحركة والمقاومة. تتحمل صعاب البحر، وتقاوم الأعاصير والظروف القاسية الشديدة، وتتسع لاستيعاب أعداد كبيرة من الرجال، وتحمل حملًا كبيرًا بالقياس إلى السفن العربية. وهذا مما يقلل بالطبع من أجور النقل، ومن أخطار الغرق والاصطدام بصخور السواحل، ومن التعرض للصوص البحر، ويخفض من أثمان البضائع في الأسواق، ويزيد في عدد المستهلكين.
وقد رأى البحر الأحمر سفنًا أقوى وأضخم من السفن العربية الصغيرة ومن سفن سكان سواحل أفريقية: رأى سفنًا تسير بقوة أربعة صفوف من المجاذيف Quadriremes"١ أخذت تتعقب لصوص البحر، وتحمي سفن اليونان والرومان، وتحمي المستعمرات التي أنشئت على سواحل البحر الأحمر لإيواء تلك السفن، وتقديم المساعدات إلى أصحابها، وشراء السلع من القبائل الساكنة على مقربة منها، وسرعان ما صارت أسواقًا للبيع وللشراء، يبيع فيها هؤلاء التجار الأجانب ما يأتون به من تجارة من حوض البحر المتوسط، ويشترون منهم ما عندهم من مواد أولية، يقبل عليها أهل مصر واليونان والرومان وسكان البحر المتوسط. وقد أثرت هذه الأسواق بالطبع في مصالح التجار العرب الذين كانوا يقومون بمثل هذه الأعمال، ألحقت بهم ضررًا ولا شك.
ولوعورة الساحل العربي على البحر الأحمر ولكثرة صخوره المؤذية للسفن، ولكثرة لصوص البحر فيه، ولأسباب أخرى تجنبت السفن الرومانية واليونانية هذا الساحل قدر إمكانها، فلم ترس به إلا في المواضع الآمنة التي أمنت النزول بها، وسيطرت عليها بوضع حاميات عسكرية بها، أو بعقد محالفات وعهود ومواثيق مع سكانها. وقد كان ميناء "مخا" "Muza" الميناء المفضل لها. قصدته للاتجار