للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به من شحن من أفريقية إلى الحجاز. وهو مرفأ مكة ومرسى سفنها قبل جدة. وإليه جنحت سفينة "باقوم"، التي تحطمت بدفع الريح لها، فاستعانت قريش في تجديد عمارة الكعبة بخشب تلك السفينة على نحو ما تحدثت عنه في أثناء كلامي على تجديد بناء الكعبة قبل المبعث بقليل١. ومنه هاجر المسلمون إلى الحبشة في السنة الخامسة من المبعث، حيث وجدوا سفينتين للتجار حملوهم فيها إلى الحبشة٢. ومنه كان يذهب تجار مكة إلى أفريقية للتجارة قبل الإسلام.

وميناء "Muza" = "Muza" من موانئ اليمن المهمة على البحر الأحمر٣، وكان مقصودًا، وتصل إليه السفن البيزنطية والسفن الواردة من مصر، ومن هنا كانت تتزود تلك السفن بضائع البلاد العربية، أو تبيع فيه ما استوردته من مصر أو من سواحل حوض البحر المتوسط. وقد تتزود ما تحتاج إليه من ماء وزاد، ثم تتجه إلى أفريقية أو إلى سواحل الهند. وقد كانت به جاليات من اليونان أو من غيرهم مقيمة هناك للاتجار والتعامل مع الوطنيين. وهو ميناء "مخا" المشهور٤. ويذكر أهل الأخبار، أن بين "مخا" وبين "باب المندب"، أي الساحل الأفريقي المقابل للساحل العربي يومين أو أكثر، وأن باب المندب، مرسى ببحر اليمن، وهو اسم ساحل مقابل لزبيد اليمن، وهو جبل مشرف ندب بعض الملوك إليه الرجال حتى قدوه بالمعاول؛ لأنه كان حاجزًا ومانعًا للبحر عن أن ينبسط بأرض اليمن، فأراد بعض الملوك أن يغرق عدوه، فقد هذا الجبل وأنفذه إلى أرض اليمن، فغلب على بلدان كثيرة وقرى أهلك أهلها وصار منه بحر اليمن الحائل بين أرض اليمن والحبشة والآخذ إلى عيذاب وقصير إلى مقابل "قوص"، والملك هو "الإسكندر"٥. وبهذه الطريقة أوجد أهل الأخبار لهم تأريخًا لباب المندب، وحلوا مشكلة كيفية انفصال أفريقية عن اليمن!

وميناء "Arabia Eudaemon"، هو ميناء "عدن"، وهو ميناء مهم في ذلك الوقت أيضًا، ولا يزال يحافظ على مركزه وأهميته من الوجهة العسكرية


١ البلدان "٥/ ٢٧٦"، ابن المجاور، صفة بلاد اليمن ومكة وبعض الحجاز، "القسم الأول ص٤٢"، وما بعدها".
٢ الطبري "٢/ ٣٢٩".
٣ جواد علي، تأريخ العرب قبل الإسلام "٨/ ٩٧".
٤ البلدان "٧/ ٢٠٢"، تاج العروس "١٠/ ٣٣٨"، "مخى".
٥ تاج العروس "١/ ٤٨٢"، "ندب".

<<  <  ج: ص:  >  >>