للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن "ظفار" قرب مرباط، وتعرف بـ"ظفار" الساحل، وإليها ينسب القسط، وهو العود الذي يتبخر به؛ لأنه يجلب إليها من الهند، ومنها إلى اليمن، كنسية الرماح إلى "الخلط"، فإنه لا ينبت به، وهي قريبة من "الشحر"١.

وكان أهل "جرها" "Gerrha" على ساحل الأحساء من أنشط الناس في التجارة، يتاجرون في البر والبحر، ويتاجرون مع الهند وسواحل إيران الجنوبية، كما كانوا يتاجرون مع العربية الجنوبية وأرض العراق. وكانوا قومًا مسالمين لا يرغبون في الحروب. فلما أراد "أنطيوخس" "Antiochus" الثالث الاستيلاء على المدينة وذلك في حوالي سنة "٢٠٥"، قبل الميلاد، سألوه الصلح والمهادنة، "وألا يقضى على ما أعطتهم الآلهة من سلام وحرية أزليين"٢.

وأما مدينة "أبولوكس" "Apologus"، فهي الأبلة في الكتب الإسلامية و"Uubulum" في الكتابات الأكادية. وقد كانت من أهم موانئ أعالي الخليج في أيام فتح المسلمين للعراق. تصدر إلى الهند حاصلات العراق وبلاد الشأم وآسية الصغرى وأوروبة، وتستورد منها أخشاب الصندل والآبنوس ومنتجات الهند وسيلان والصين٣. وقد عرفها أهل الأخبار، فذكروا أنها كانت أقدم من البصرة؛ لأن البصرة، مصرت في أيام "عمر"، وكانت الأبلة حينئذ مسالح من قبل كسرى، وقد كان تجارها يربحون ربحًا عظيمًا، وهي أرض واسعة. قال "خالد بن صفوان": "ما رأينا أرضًا مثل الأبلة مسافة، ولا أغذى نطفة، ولا أوطأ مطية، ولا أربح لتاجر، ولا أحفى بعابد"٤.

وهناك مواني عديدة أخرى، ذكر المؤلفون اليونان واللاتين أسماءها، وقد تحدثت عنها في الجزء الثالث من كتابي: "تاريخ العرب في الإسلام"، وشخصت مواقعها قدر الإمكان. وقد كان لا بد من أن يكثر عدد الموانئ في تلك الأيام، فسفن ذلك العهد لم تكن ضخمة كسفن هذا اليوم، ولم يكن في استطاعتها لهذا الابتعاد عن السواحل كثيرًا، ولا السير إلى مسافات شاسعة، إذ كان لا بد لها


١ تاج العروس "٣/ ٣٧٠"، "ظفر".
٢ Polybius, Historia, Book, ١٣, Chapter ٩.
٣ Pliny, Iv, ٣١, ٣٢, Dio Casius, Roman History, ٦٨, ٢٨, ٢٩.
جواد علي، تأريخ العرب قبل الإسلام "٨/ ١٠٠".
٤ تاج العروس "٧/ ٢٠٠"، "ابل".

<<  <  ج: ص:  >  >>