للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجع أهل الأخبار إليهم، فأخذوا منهم تلك الأسماء، أم أنه مجرد تحريف وتصحيف، وقع من الجانبين، فظهر على هذا الشكل؟.

أما امرأة "إسماعيل" أم أولاده، فإنها ليست جرهمية عربية في التوراة، وإنما هي امرأة مصرية كما ذكرت, لم تذكر التوراة اسمها. ويذكر أهل الأخبار أن إسماعيل كان قد تزوج بامرأة أخرى من جرهم قبل "رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي"، أو "السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي"، كما تعرف في روايات أخرى، إلا أنه طلقها بأمر أبيه، لما جاء إلى مكة زائرًا، فلما جاء للمرة الثانية ورأى زوجته الثانية رضي عنها، وأمر ابنه إسماعيل بإبقائها، فبقيت، ومنها كان نسله المذكورون١.

وقد نص "الطبري" على أن العرب هم من نابت وقيدر٢، ولم يذكر شيئا عن بقية الأولاد. والظاهر أن إهمالهم هذا الإهمال يعود إلى عدم وقوف الموارد التي أمدت الأخباريين على شيء عنها، وعدم تمكنهم من تعيينها وتثبيت مواضعها، فإن ذلك يحتاح إلى علم وإلى وقوف على ما جاء في كتب التفاسير والشروح والموارد اليهودية الأخرى عن هذه القبائل. والموارد المذكورة نفسها لا تعرف عن تلك القبائل وعن تلك البلاد شيئا كثيرا يزيد على ما جاء في التوراة؛ فإن كتبة الأسفار لم يهتموا إلا بما يتعلق بإسرائيل. أما ما وراء إسرائيل من شعوب وأرضين، ولا سيما الشعوب التي لا تتاخم الأرضين التي وجد فيها العبرانيون، فإنها لم تكن تُعنَى بها إلا بمقدار ما لها من صلة بإسرائيل.

وقد حددت التوراة المنازل التي أقام بها "الإسماعيليون"، فجعلتها من "حويلة" إلى "شور"٣, فكل ما وقع بين المكانين، هو في أرض القبائل الإسماعيلية. وقد ذكرتُ قبل قليل أن آراء العلماء مختلفة في تعيين موقع أرض "حويلة"، وعندي أن هذا الموضع يجب ألا يكون بعيدا عن فلسطين؛ لأن "شاءول" ضرب العماليق من "حويلة" إلى شور٤. ولا يعقل أن تكون هذه


١ الطبري "١/ ٢٥٦، ٣١٤".
٢ الطبري "١/ ٣١٤".
٣ التكوين، إصحاح ٢٥، الآية ١٨.
٤ صموئيل الأول، إصحاح ١٥، الآية ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>