للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن الطابع التوراتي ظل بارزًا واضحًا عليها. فلا حاجة بنا إلى إرجاع كل اسم منها إلى الاسم المقابل له في التوراة.

وزوَّج أهل الأخبار "يقشان" "يقسان"، من امرأة سموها "رعوة بنت زمر بن يقطن بن لوذان بن جرهم بن يقطن بن عابر"، وأولدوا لها ولدًا دعوه "البربر"، قالوا عنه: إنه جد "البربر"١. وهو زواج لا تعرف عنه التوراة شيئا، وأما الزوج "رعوة بنت زمر بن يقطن" فليس لها ذكر فيها أيضا، وأما نسبها، فهو نسب اخترعه من اخترعها، وليس له لذلك ذكر في التوراة. وأما "بربر" بن "رعوة" فهو من صنع صانع أخبار أمه, وليس له ذكرٌ ما في التوراة.

ولفظة "بربر" في الكتاب المقدس لفظة تعني "الغريب"، وهي من أصل يوناني، وقد أطلقها اليونان على الغرباء الناطقين بلغة أخرى غير اللغة اليونانية٢. ولم تستعمل علما على جنس معين له جد وأب ونسل؛ ولذلك، فإن ربط نسب "البربر"، وهم سكان المناطق المعروفة من شمال إفريقيا, بـ"رعوة" وبقحطان، هو من صنع "أهل الأخبار"، وقد وقع في الإسلام بالطبع وبعد الفتح الإسلامي لتلك المناطق؛ لغايات سياسية، على نحو ما حدث من ربط نسب الفرس واليونان والأكراد بالعرب.

ولم يشر الأخباريون وأهل الأنساب إلى "القطوريين" كطبقة خاصة من العرب, وقد أشار بعضهم إلى قبيلة عربية عرفت بـ"قطورة"، ذكروا أنها عاشت مع "جرهم" بمكة٣. ولعل لتشتت شمل القبائل القطورية ودخولها في القبائل الأخرى: قحطانية وعدنانية، وفي جهل أهل الكتاب في ذلك العهد، أي: أيام لجوء أهل الأخبار إليهم يسألونهم عن الأنساب، دخلًا في هذا الإهمال.

ويلاحظ أن بين أسماء قبائل "قطورة" أسماء وردت في جدول أنساب قبائل "يقطان"، وفي جدول أسماء أبناء "كوش". ويفسر بعض العلماء ذلك باتصال القبائل القطورية بالقبائل اليقطانية وبالقبائل الكوشية وباختلاطها بها وتلاحمها


١ الطبري "١/ ٣٠٩"، "دار المعارف".
٢ قاموس الكتاب المقدس "١/ ٢١٧". Hastings, P. ٨٤
٣ hastings, p. ٥١٤, enc. Bibli. P. ٢٦٦٠, ritter, erdkunde, ١٢, ١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>