للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"تارح" هو ابن "ناحور" و"ناحور" ابن "سروج" وهذا هو ابن "رعو" الذي صار "أرغو" عند الإسلاميين، و"رعو" هو ابن "فالج" الذي صير "فالغ" عند أهل الأخبار؛ فترى من ذلك كيف خلط أهل الأخبار، وكيف كان علمهم بالقصص المأخوذ من التوراة. وكل هذا الجهل ناشئ من اعتمادهم على الأخذ شفاهًا من أهل الكتاب، ومن عدم رجوعهم إلى نص التوراة١.

ويلاحظ أن أكثر الذين قالوا في "قطورة" "قطوراء" و"قطورا"، ذكروا أولادها على نحو ما ورد في التوراة. أما الذين قالوا "قنطوراء"، فقد نسب أكثرهم إليها الترك والصين، وأضاف بعضهم إليها السودان في بعض الأحيان٢. وهو نسب تكرم به عليها أهل الأنساب والأخبار؛ فليس في التوراة ذكر لهؤلاء الأولاد النجباء, ولعل إلحاق هؤلاء بـ"قنطوراء" إنما كان لغرض سياسي، هو إدماج نسب الترك والصين بالعرب؛ ترضية لهم، كما فعلوا بالنسبة إلى شعوب أعجمية أخرى. ويرد اسم "بنو قنطوراء" في الملاحم والتنبؤات، فرووا أحاديث تدل على شعور الخلافة الإسلامية بالخطر القادم من الترك والصين، وبأن النسب لم ينفع شيئًا معهم، إذ ورد: "يوشك بنو قنطوراء أن يخرجوكم من أرض البصرة"، وورد: "إذا كان آخر الزمان جاء بنو قنطوراء"٣.

وزعم أهل الأخبار أن إبراهيم تزوج من زوج أخرى كانت من العرب أيضًا، أسموها "حجور بنت أرهير"، ولدت له خمسة بنين: "كيسان، وشورخ، وأميم، ولوطان، ونافس٤". وليس في التوراة ذكر لهذه الزوج العربية، فليس لها نسل فيها بالطبع, فالأولاد هم من نسل مخيلة أصحاب الأخبار، جمعوها من أسماء توراتية مرت وتمر علينا في مواضع من هذا الكتاب، وضبطوها بعدد؛ لتظهر بمظهر خبر صحيح مضبوط.

ومن الأخباريين من أحجم عن تعيين هوية زوج إبراهيم، فلم يذكروا شيئًا


١ راجع نسب إبراهيم في التكوين، الإصحاح الحادي عشر، الآية ١٥ فما بعدها.
٢ القاموس "٢/ ١٢٣"، اللسان "٦/ ٤٢٢".
٣ اللسان "٦/ ٤٢٢".
٤ الطبري "١/ ١٦٠"، "١/ ٣١١"، "طبعة دار المعارف"، الكامل لابن الأثير "١/ ٤٨"، ابن سعد، الطبقات "جـ١، ق١، ص٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>