للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له "قرض حسن" في الإسلام، وهو ما تعطيه لتقضاه، أي: ما يعطي قرضًا، فيُعَاد إلى صاحبه١.

وقامت المعابد في العربية الجنوبية بتسليف المال للمحتاج إليه, ولا أعني بالمال النقود، بل كل شيء له ثمن وقيمة, وكانت تتقاضى فائضًا في مقابل الاستفادة منه. وقد كانت معظم معابد ذلك الوقت تقوم مقام "بنوك التسليف" في هذا اليوم, بتسليف الأموال إلى المحتاج لها؛ لما كان عندها من فائض يأتيها من أملاكها ومن حقوقها المفروضة على أتباعها، فتاجرت في الأسواق, وسلفت الفائض إلى المتسلفين.

ولهذه المعابد بيوت وضعت بها أموال المعبد، وهي خزائن المعابد، وبيوت المال عند المسلمين. وقد كانت في المعابد في الغالب؛ ليكون في وسع أصحاب النذور طرح نذورهم بها, أما الزروع والمواشي التي تكون من حقوق المعبد فتحفظ في المخازن المخصصة لهذه الغاية وفي "حرم" الآلهة المحماة باسمها لرعي ماشيتها. وقد تحدثت عن "الغبغب" الذي كان بمكة في الجزء السادس من هذا الكتاب، وقد كان خزانة للكعبة، وأشرت إلى وجود خزائن لبيوت الأرباب الأخرى. وسدنة الأصنام هم حفاظها وأمناؤها، ولا أستبعد احتمال قيام هؤلاء السدنة بالاتجار باسم المعابد، وبتسليف ما في خزائنها من مال إلى المحتاجين إليه.

وقد عرف الاستلاف من بيت المال في الإسلام. استلف منه بعض الخلفاء والعمال وكبار الرجال لحاجتهم إلى المال أو لتشغيله وللاستفادة منه تجارة أو لاستخدامه في مشاريع زراعية مثل إحياء موات، أو تحويل مجرى ماء إلى غير ذلك من سلف وقروض نص عليها أهل التواريخ والأخبار.


١ تاج العروس "٥/ ٧٦"، "قرض".

<<  <  ج: ص:  >  >>