للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفظة "العشار" لأنه يأخذ العشر، عشر أموال الناس، ولأنه يعشرهم. وقد كان "العشر" من أهم سمات الجاهلية ومعالمها، "وفي الحديث: "إن لقيتم عاشرًا فاقتلوه أي: إن وجدتم من يأخذ العشر على ما كان يأخذه أهل الجاهلية مقيمًا على دينه، فاقتلوه؛ لكفره أو لاستحلاله لذلك إن كان مسلمًا وأخذه مستحلًّا وتاركًا فرض الله، وهو ربع العشر"١.

فالمكس، إذن هي الضرائب التي تؤخذ عن المبيعات والمشتريات، أي: عن التجارة، يجبيها جباة المكس، أي: العشارون من الأسواق ومن المواضع المخصصة لمرور التجار بها على الحدود، ولا صلة لهذا العمل بعمل جباية الجزية والخراج.

ولفظة "الإتاوة" و"العشر" و"المكس" والجزية من الألفاظ التي لا يشك في كونها كانت معروفة عند الجاهليين. وقد أشرت إلى ورود لفظة "الإتاوة" في شعر "جابر بن حني التغلبي", ووردت في شعر للجعدي, هو:

موالي حلف لا موالي قرابة ... ولكن قطينًا يسألون الأتاويا

أي: هم خدم يسالون الخراج٢. وكانت الكلمة على ما يظهر عامة، بمعنى: ضريبة من غير تعيين.

وأما "الخراج"، فللعلماء في أصلها ومعناها كلام. وقد وردت لفظة "خرجًا" في القرآن الكريم؛ وردت في سورة الكهف: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} ٣, وقد قرأها بعض المفسرين: "خراجًا"، وذهبوا إلى أنها بمعنى الأجر، وقال بعض منهم: إن الخراج عند العرب هو الغلة٤. ووردت في سورة "المؤمنون": {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ٥, وفسر العلماء اللفظتين بمعنى الأجر٦.


١ تاج العروس "٣/ ٤٠٠"، "عشر".
٢ تاج العروس "١/ ٧"، "أتو".
٣ الكهف، الرقم ١٨، الآية ٩٤.
٤ تفسير الطبري "١٦/ ١٩".
٥ المؤمنون، الرقم ٢٣، الآية ٧٢.
٦ تفسير الطبري "١٨/ ٣٣"، روح المعاني "١٨/ ٤٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>