للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ظلط"١، ولعل لهذه اللفظة صلة ببعض أسماء النقود اليمانية قبل الإسلام.

وهناك لفظة أخرى وردت في نصوص المسند، هي "خبصتم"، "خبصت", ويرى "رودو كناكس" أنها اسم نقد أقل سعرًا وثمنًا من سعر نقد الذهب، وأنه لم يكن من الذهب ولا من الفضة بل من المعادن الأخرى٢.

ووردت لفظة "رضيم" "رضى" بعد العدد خمسة في نص سبئي، ذكرت مع العدد في أمر يشير إلى غرامة تفرض على المقصر والمتماهل في العمل، فحمل ذلك بعض الباحثين على الذهاب إلى أنها تسمية لنوع من النقد الذي كان مستعملا آنئذ. ولكن هناك من يرى أن اللفظة ليست تسمية وسمة لنوع من أنواع النقود، وإنما هي صفة لها، بمعنى مرضية ومرضٍ وبمعنى تامة وافية صحيحة، غير مزيفة ولا منقوصة في الوزن٣.

وإذا كنا لا نستعمل اليوم في لغتنا الألفاظ والتعابير التي تدل على صحة النقود وسلامتها من الغش والتزوير كثيرًا، فإن القدماء ولا سيما صيارفتهم وأصحاب المال كانوا يستعملونها في معاملاتهم اليومية وفي عقودهم التي كانوا يدونونها؛ لأن سك العملة وضربها لم يكن يومئذ متقنا ولا مضبوطا من حيث المادة أو الوزن. وكان من السهل تقليد العملة وغشها والتلاعب بوزنها؛ ولذلك كان ثمنها عرضة للتغير والتلاعب بالسعر في بعض الأحيان. كما كان من السهل غش الناس بإعطائهم العملات المزيفة، حتى حفظت كتب الماضين أمثلة عديدة على ذلك، وكتب القدماء فصولًا في كشف الغش في النقود وفي معاقبة المسئولين عنه.

ومن الألفاظ التي استعملها أهل العربية الجنوبية للتعبير عن صحة العملة وسلامتها من الغش والتي دونوها في كتاباتهم، لفظة "مصعم" "مصع"، بمعنى نصع وخلص، أي: خالصة من كل غش، صحيحة لا شائبة فيها. ولفظة "رضيم" المتقدمة، ولفظة "خبصتم" "خبصت" من هذه التعابير على رأي بعض الباحثين٤.


١ رحلة "٨٥".
٢ Rhodokanakis, katab. Texte., II, S. ٢٦
٣ Rhodokanakis, katab. Texte., II, S. ٢٥
٤ Rhodokanakis, katab. Texte., II, S. ٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>