للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقنطار وزن. وتأويل الكلام: أن من أهل الكتاب الذي إن تأمنه على عظيم من المال كثير يؤده إليك ولا يخنك فيه, ومنهم الذي إن تأمنه على دينار يخنك فيه، فلا يؤده إليك إلا بالتقاضي والمطالبة١.

ويعرف "الدينار" بـ"العين", والعين الذهب عامة٢، فكأنهم سموا عينًا، لأنه من ذهب.

وقد فكر المسلمون قبل "عبد الملك بن مروان" في موضوع النقود، وفي ضرورة تحويلها إلى نقد إسلامي, وكان "عمر" في جملة من فكر في ذلك. إنه أراد أن يجعل الدراهم من جلود الإبل، فلما استشار ذوي الخبرة، لم يقروه على رأيه فأمسك٣, وذكر أنه أمر بضرب الدراهم، فضربت سنة ثماني عشرة من الهجرة٤, وضرب "عثمان" الدراهم كذلك. ثم إن معاوية ضرب الدراهم السود، وضرب أيضا دنانير عليها تمثال متقلد سيفًا٥, وضرب "زياد" النقد كذلك. ولما قام عبد الله بن الزبير بمكة ضرب دراهم مدورة, وكان أول من ضرب الدراهم المستديرة. وضرب "مصعب بن الزبير" دراهم بالعراق، ثم غيرها "الحجاج"، حتى استقر الأمر لعبد الملك، فعرب النقد على نحو ما هو معلوم٦.

وقد بقي العرب يتعاملون بالدنانير الرومية إلى أيام عبد الملك، حيث أمر بضرب الدنانير، فضربت بدمشق, وقد نعت الدينار الجديد بـ"أحرش" إذ كانت فيه خشونة لجدته. ومنه الحديث أن رجلًا أخذ من رجل آخر دنانير حرشًا، وهي الجياد الخشنة الحديثة العهد بالسكة التي عليها خشونة النقش٧.

ومن أسماء الدينار "السِّكِّي"٨.


١ تفسير الطبري "٣/ ٢٢٥ وما بعدها"، تفسير النيسابوري "٣/ ٢٢٥ وما بعدها"، "حاشية على تفسير الطبري".
٢ تاج العروس "٩/ ٢٨٨"، "عين".
٣ فتوح البلدان "٤٥٦"، "أمر النقود".
٤ الأحكام السلطانية، لأبي يعلى "١٦٠ حاشية".
٥ الأحكام السلطانية، لأبي يعلى "١٦٠ حاشية".
٦ الأحكام السلطانية، "١٦٠ وما بعدها".
٧ تاج العروس "٤/ ٢٩٦"، "حرش".
٨ تاج العروس "٧/ ١٤٣"، "سك".

<<  <  ج: ص:  >  >>