للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، فقيل: "الحاري"١. والنمط: ظهارة فراش ما، أو ضرب من البسط، أو ثوب صوف يطرح على الهودج، له خمل رقيق. وقيل: ضرب من الثياب المصبغة، ولا تكاد العرب تقول: نمط، إلا لما كان ذا لون من حمرة أو خضرة أو صفرة، فأما البياض فلا يقال: أنماط٢.

وقد اشتهرت صناعة البسط في جزيرة العرب, وهناك أنواع عديدة منها تنسب إلى مواضع متعددة. وهي تصنع من الأصواف ومن شعر المعز, ويشتغل بنسجها النساء والرجال, وقد اشتهر بعضها باسم "العبقري" و"العباقري", وفي الحديث: "أنه كان يسجد على عبقري"، وهي هذه البسط التي فيها الأصباغ والنقوش. وذكر بعض العلماء أن "عبقرة" موضع باليمن أو بالجزيرة يوشى فيه الثياب والبسط، ثيابه في غاية الحسن والجودة، فصارت مثلًا لكل منسوب إلى شيء رفيع٣.

وقد اشتهرت اليمن بكثرة المشتغلين من أهلها بالحياكة، وعرفت بها بقية العربية الجنوبية. وقد قيل في انتقاص أهل اليمن وفي النيل منهم؛ أنهم بين حائك برد وسائس قرد, ونسوة حوائك، يشتغلن بالحياكة. ورد في شعر ذي الرمة قوله يصف محلة:

كأن عليها سحق لفق تأنقت ... بها حضرميات الأكف الحوائك٤

وأشير إلى الحياكة في نصوص المسند، إذ كانت صناعة النسيج من أهم الصناعات في اليمن, وقد عرف "الحائك" عندهم بـ"أنم"٥. وكان أهل مكة يقصدون اليمن، فيشترون منها الألبسة اللطيفة الجيدة ويحملونها إلى الأسواق لبيعها، ومنها أسواق بلاد الشام.

وقد نشأت من الألياف والخوص وعيدان بعض الأشجار صناعة، فاستفيد من خوص الدوم في صنع أحفاش النساء، والدوم شجر المقل، واحدته دومة٦.


١ تاج العروس "٣/ ١٦٦"، "حار".
٢ تاج العروس "٥/ ٢٣٤"، "نمط".
٣ تاج العروس "٣/ ٣٧٩"، "عبقر".
٤ تاج العروس "٧/ ١٢٤"، "حاك".
٥ Glaser ١٠٠٠ A, Arabien, S. ٢٤
٦ تاج العروس "٨/ ٢٩٧"، "دوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>