للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أبدع الفنان في الحفر, وأجاد في الزخرفة وفي إتقان عمله, وأعطى عمله روعة, فترى الحفر على مستوى واحد, وقد عمل بدقة ومهارة. وإتقان العمل والإبداع في الفن من المزايا التي امتاز بها أهل العربية الجنوبية حتى اليوم.

وهناك أنواع من الأعمدة تتكون من ثمانية أضلاع, وأنواع أخرى تتكون من ستة عشر ضلعًا, عثر عليها في مدينة "تلقم", وتتكون تيجانها من ست درجات: ثلاث منها على هيئة نصف أسطوانة: بطونها إلى الخارج وقاعدتها العمود, وثلاث على هيئة صفائح مستطيلة ذات ستة عشر ضلعًا. وقد نحتت هذه التيجان ورتبت على هذا الشكل: الدرجة السفلى مكونة من مستطيل ذي ستة عشر ضلعًا, وفوقه درجة على هيئة أسطوانة يليها مستطيل ذو ستة عشر ضلعًا, وهكذا إلى أن ينتهي التاج بالدرجة السادسة للتاج١.

وقد عثر على نماذج من الأعمدة المثمنة الأضلاع في معبد "صرواح" بـ"أرحب", وفي "حقه" وفي "العرين" وفي "بيت غفر" وفي "سوق النعم" وفي "شبام كوكبان" وفي "مأرب", وفي مواضع أخرى. ويرجع عهد هذا النوع إلى ما قبل الميلاد, ويمتد إلى ما بعده. ويرى بعض الباحثين أن أكثر هذه الأعمدة قد ظهر في فترة من الزمن تقع فيما بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الثاني من بعد الميلاد٢.

وقد رأى "كلاسر" "Claser" عمودًا مثمنًا ذا تاج "كورنثي" في مسجد "منقط" بالقرب من "يريم", يرى الباحثون أنه من صنع عامل يوناني. وهم يرون أن أصلة من مدينة "ظفار" التي لا تبعد كثيرًا عن هذا المكان, جيء به من هناك إلى هذا المسجد. وقد كانت "ظفار" مركزًا خطيرًا وعاصمة لحمير, وفيها أسس "ثيوفيلوس" كنيسة حوالي سنة "٣٥٤" للميلاد. وصارت هذه المدينة مركزًا لأسقفية تشرف على نجران وهرمز وسقطرى. وقد عثر في هذا المسجد على قطع أخرى أثرية, عليها آثار الصلبان وكتابات حبشية وآثار أخرى تشير إلى أصل نصراني, يظهر أنها من أيام استيلاء الحبشة على اليمن, وأنها ترجع إلى ما بين سنة "٥٢٥" و"٥٧٠" للميلاد. وفي خلال هذه المدة كان


١ "Hand,der altar. alter., I, S. ١٤٨.".
٢ "A. Grohmann, S. ٢١٠.".

<<  <  ج: ص:  >  >>