للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكننا لم نر شيئًا مما ذكروا, ولم يروا هم ذلك أيضًا بالطبع, وإنما رووا ذلك عن طريق السماع.

ويعرف الذهب بـ"ذهب" في العربيات الجنوبية. وأما الفضة, فيقال لها: "صرف"١. وقد وردت أرض "شبا" في جملة الأماكن التي مونت العبرانيين بالذهب, حمله إليهم تجار "شبا"٢.

وترد في الكتابات جمل مثل: "قدم تمثالًا من ذهب", مما يدل على أن العرب الجنوبيين كانوا ينذرون إلى آلهتهم إن منت عليهم وأجابت طلبهم بأن يقدموا لها نذرًا هو تمثال من ذهب. غير أن الباحثين لم يعثروا حتى اليوم إلاّ على عدد محدود من تماثيل صيغت من ذهب, بل عثروا على تماثيل من البرنز. لذا ذهب بعضهم إلى أن العرب الجنوبيين قصدوا بكلمة "ذهبن", أي: "الذهب", معدن البرنز, وذهب بعضهم إلى أنهم قصدوا معادن طليت بماء الذهب٣.

وفي جملة ما هو محفوظ من أعمال الصاغة, قلادة جميلة من الذهب عثر عليها في خرائب مدينة "تمنع"٤ سبق أن وضعت صورتها قبل صفحات. وقلائد أخرى وصفائح من الذهب حفرت عليها صور بعض الحيوانات. كما عثر على معادن مطلية بطبقة من ذهب٥.

وقد وصلت قطع فنية نفيسة مصنوعة من المعادن, تدل على ذوق عالٍ وعلى مهارة في الصنعة وإتقان. من ذلك مصباح يضيء بالزيت, مصنوع من البرنز يتكئ على قاعدة. أما موضع الزيت, فينساب انسيابًا جميلًا, وقد صنع بشكل متناسق, وارتفع فوق المصباح من الطرف العريض تمثال "أيل" جميل جدًّا ربطه بالمصباح حزمة انفتحت عند اتصالها بالمصباح على هيئة أصابع يد. فلما ارتفعت, اتصل بعضها ببعض على هيئة ضفيرة, إلى موضع اتصالها بالأيل. وقد انكسرت يدا الحيوان وكانت ممتدة. أما الرقبة والرأس والقرنان, فقد صنعت بدقة ومهارة, وعلى الجملة: إن القطعة تدل على تطور كبير في فن الصناعات اليدوية عند العرب الجنوبيين, وذلك كما نراه في الصورة المذكورة.


١ "Rhodokanakis Stud., II, S. ١٦٧".
٢ حزيقال: الإصحاح السابع والعشرون, الآية: ٢٢.
٣ "A. Grohmann, S. ٢٣٠.".
٤ "W. Phillips, Qataban and Sheba, p. ١١٤.".
٥ "A. Grohmann, S. ٢٤٢.".

<<  <  ج: ص:  >  >>