للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وجدا من مباني اليمن وقصورها ما قوّى هذا الخيال عندهما، مع أن كلمة "المسند" التي تطلق في المؤلفات العربية الإسلامية على خط أهل اليمن قبل الإسلام لا علاقة لها بالقصور والمباني، واستناد أجزاء الحرف الواحد بعضها إلى بعض. وإنما تعني شيئًا آخر، تعني خط أهل اليمن القديم لا أكثر ولا أقل. وكلمة "مسند" "مزند"١ في العربية الجنوبية تعني "الكتابة" مطلقًا، وقد وردت في مواضع متعددة من الكتابات والنقوش، فورد في نص أبرهة مثلًا "سطرو ذن مزندن"، وترجمتها: "سطروا هذه الكتابة"، وتؤدي كلمة "سطرو" المعنى نفسه الذي يرد في لغتنا، وهو: "سطروا"، أي: كتبوا ودوّنوا، فكلمة "مزندن" التي صارت "المسند" في عربيتنا تعني في العربية الجنوبية ما تعنيه كلمة الخط أو الكتابة في لغة القرآن، ولم تكن مخصصة عند اليمانيين بخط حمير، أو غير حمير، وإنما حدث هذا التخصيص في المؤلفات الإسلامية فصار فيها "المسند" اسم علم لخط حمير وحده. ولا ندري متى حدث ذلك: أحدث في الجاهلية المتصلة بالإسلام أم في الإسلام؟

وإذا كان هذا التخصيص قد وقع في الإسلام، فإننا لا نستطيع أيضًا التكهن عن الوقت الذي ظهر فيه هذا التخصيص؛ لأننا لا نملك مصادر إسلامية تشير إلى هذا ولا مؤلفات من صدر الإسلام يمكن أن نجد فيها ما نبحث عنه.

ويتألف المسند من تسعة وعشرين حرفًا. وأبجديته مثل الأبجديات السامية الأخرى من حيث إنها تتألف من الحروف الصامتة ولا حركة في الكتابة فيها ولا ضبط في أواخر الكلمات ولا علاقة للسكون أو للتشديد. ويفصل بين الكلمة والكلمة التي تليها فاصل هو خط مستقيم عمودي. وقد يكتب الحرف المشدّد مرتين كما في اللغات الأوروبية.

ومما يلاحظ على الكتابات المعينية أنه لم يطرأ عليها تغيير كبير في العهود التي مرت بها. أما الكتابات السبئية، فيمكن التمييز بين القديم منها والمتأخر في الأسلوب، وفي شكل الكتابة٢.


١ بحرف الزاي في لغة أهل اليمن لا السين.
٢ غويدي: المختصر في علوم اللغة العربية الجنوبية القديمة، القاهرة، ١٩٣٠، "ص٣".
Hofner, Altsudarabische Grammatik, Leipzig, ١٩٤٣, Weber, S. ١٢, Pfannmuller. S. ٨٦. Mordtmann. Beitrage zur Minaischen Epigraphik, Weimar, ١٨٩٦.".

<<  <  ج: ص:  >  >>