للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصفوية مثل اللهجات العربية الأخرى في خلوّها من الشكل، لذلك تجابه الباحث في قراءة كتاباتها ما يجابهه قارئ اللهجات الأخرى من مشكلات في فهم الكتابات فهمًا صحيحًا واضحًا، فلا بد من الاستعانة بعربية القرآن الكريم وباللهجات السامية لفهمها فهمًا صحيحًا. ولم يحفل الكتاب بتثبيت الحروف في صلب الكتابة باعتبارها تعبيرًا عن الحركات، ولم يستعملوا المقاطع المعبرة عن الأصوات، لضبط النطق. وقد يكتب فيها الحرف مرتين في مواضع نستعمل لها الشدّة في عربيتنا.

ومادة الكتابات الصفوية، هي الحجارة الطبيعية بأشكالها المختلفة، يأخذها الكاتب فيحفر عليها بآلة ذات رأس حاد الكلمات التي يريد تدوينها. أما الورق أو المواد المشابهة الأخرى المستعملة في الكتابة، فلم يعثر على شيء منها مكتوب بهذه الأبجدية.

ويجب أن أبين أن هذه الكتابات اللحيانية والثمودية، والصفوية، لا تعني أنها خطوط "بني لحيان"، و"قوم ثمود" بالضرورة، فبين الكتابات المنسوبة إلى مجموعة من هاتين المجموعتين ما لا يمكن عده من كتابة قوم من "بني لحيان" ولا من قوم ثمود، وإنما هي من كتابات قبائل أخرى, وقد أدخلت في الخط اللحياني أو في القلم الثمودي، لمجرد تشابه الخط. وقد ذكرت أن الكتابة الصفوية، إنما عرفت بهذه التسمية، بسبب عثور العلماء عليها في "الصفاة" في الغالب، فنسبوها إلى هذا الأرض، مع أنها قبائل وعشائر مختلفة.

ويلاحظ أن التباين في أشكال الحروف داخل المجموعة الواحدة مثل اللحيانية، والثمودية والصفوية، لا يقل عن التباين الذي نراه بين صور الحروف المكونة لهذه المجموعات. فأنت ترى في هذه الصورة وقد كتب حرف الألف في الصفوية بصور متباينة، تكاد تجعل من الصعب التوصل إلى أنها تمثل كلها هذا الحرف، ثم ترى الحرف نفسه في "الثمودية"، وقد كتب بصور متباينة، ويقال نفس الشيء بالنسبة لهذا الحرف في الكتابة اللحيانية. ونجد هذا التباين في كل الحروف الباقية كذلك. أما المسند، فلا نجد فيه هذا التباين، مما يحملنا على إرجاع سببه إلى ضعف وقوة يد الكتاب، وإلى تباين القلم الذي يكتب به. فالمسند قلم، استعمل في تدوينه قلم حاد قوي، حفر الكتابة على الحجر حفرًا وبعناية، بسبب أنها وثائق وكتابات ذات أهمية بالنسبة لكاتبها، أما الأقلام الأخرى, فقد استعملت في التعبير عن خواطر في الغالب، لذلك سجلها كاتبها بأي أداة وجدها أو

<<  <  ج: ص:  >  >>