للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قابلًا للغسل بل سهولة١. ولا نجد بين العلماء اتفاقًا في أصل معنى "الحبر"، مما يدل على أن اللفظة٢ من المعربات. أما المداد. فذكر علماء اللغة, أنه ما مددت به السراج من زيت ونحوه, ثم خص بالحبر. والظاهر أنها أخذت من سخام الزيت الذي يحترق في السراج، وأنها تعني "سواد"، على نحو ما نجده في لفظة MeIan اللاتينية، التي تعني السواد، سواد السراج، وخصصت بالحبر٣.

وليست لدينا أخبار عن كيفية صنع الحبر عند الجاهليين، ولم يصل إلينا نص جاهلي مدوّن بالحبر نتمكن بتحليل مادته من الوقوف على تكوينه. ولكننا نستطيع أن نقول: إن حبر الجاهليين لم يكن يختلف عن أنواع الحبر المستعملة عند الشعوب الأخرى في ذلك العهد وأبسطها الحبر المصنوع من الفحم المسحوق، مضافًا إليه الماء وقليل من الصمغ في بعض الأحيان. والحبر المصنوع من بعض المواد المستخرجة من زيوت بعض الأشجار وعصاراتها، أو من مسحوق عظام الحيوانات المحروقة أو من بعض الأوراق المؤكسدة بالحديد وببعض المعادن. ويراد بالحبر، الحبر الأسود في الغالب، غير أن القدماء كانوا يستعملون أصباغًا مثل: الأحمر والأخضر، في تدوين الشروح والملاحظات والأمور المهمة التي تلفت النظر، كما استعملت في التصوير وفي رسم بعض الرسوم التوضيحية، كما يظهر ذلك من الأوراق القديمة التي عثر عليها في مصر وفي اليونان وغير ذلك من الأماكن. وقد ورد في كتب الحديث النبوي وموارد إسلامية أخرى، أن الجاهليين كانوا يستعملون الصور والنقوش. ويريدون بالنقش تلوين الشيء بلونين أو عدة ألوان. ويقولون له: النمنمة كذلك٤. وكان منهم مصورون يصورون الإنسان والحيوان والأشجار وغير ذلك. وقد نهى الرسول عن تصوير كل ما هو ذو روح٥. وهذا التحريم هو دليل شيوع التصوير واستعمال الصور عند الجاهليين.

ويحفظ الحبر في أداة، يقال لها "الدواة" و"المحبرة"٦، يحملها الكاتب


١ Hastings, p. ٣٨٣.
٢ تاج العروس "٢/ ٤٩٨"، "مدد".
٣ Hastings, p. ٣٨٣.
٤ شرح القاموس "٤/ ٣٥٨ وما بعدها".
٥ تاج العروس "١٠/ ١٣٣"، تفسير ابن عباس "٤٥١".
٦ تاج العروس "٣/ ١١٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>