للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مواد الكتابة، ولذلك كانوا يستعملونه في الأمور الكتابية الجليلة.

وقد أشير في شعر "الأسود بن يعفر" إلى سطور يهوديين في مهرقيهما مجيدين في الكتابة، هما من أهل "تيماء" أو من "أهل مدين"١. ولم يشر إلى نوع القلم الذي كتبا به، وأغلب الظن أنه قلم عبراني.

وقد استعمل الجاهليون "الصكوك" في تعاملهم. وذكر علماء اللغة أن "الصك" الذي يكتب للعُهدة، وكانت الأرزاق تُسمى صكاكًا؛ لأنها كانت تخرج مكتوبة. ومنه الحديث في النهي عن شراء الصكاك، وذلك أن الأمراء كانوا يكتبون للناس بأرزاقهم وأعطياتهم كتبًا، فيبيعون ما فيها قبل أن يقبضوها معجلًا، ويعطون المشتري الصك ليمضي ويقبضه، فنهوا عن ذلك لأنه بيع ما لم يقبض. وذكروا أن اللفظة من الألفاظ المعربة، أصلها فارسي٢. واستعملت الصكوك في الدين. فورد "صك دين"٣.

وقد أمدتنا جزيرة العرب بحجارة كثيرة مكتوبة، ولكنها لم تمدنا باللبن المكتوب أو الطين المكتوب المشوي بالنار إلى في النادر. مع أن الكتابة على الطين أسهل من الكتابة على الحجر. ولعل وجود الحجر بكثرة في العربية الغربية والجنوبية ومقاومة الحجر للبلى والتلف هما اللذان دفعا أهل هذه البلاد على تفضيل الحجر في الكتابة على الطين. ولا يستبعد عثور الآثاريين والمنقبين في المستقبل على كتابات جاهلية مسجلة على الطين ولا سيما في المناطق الماحلة أو التي يقل فيها وجود الحجر، هي الآن مطمورة في باطن الأرض.

وأعطوا للصحف أسماء إذا كانت قد كتبت في أغراض خاصة. فإذا كانت الصحيفة إعطاء أرض لشخص، كإقطاعه أرضًا، يعطي الشخص صحيفة مدونة بذلك، تثبت له تسجيل الأرض المقطعة باسمه, يقال لها: "الوصر" و"الأصر". وقد ذكر علماء اللغة أن الأصر: العهد والعقد. وقيل: العهد الثقيل٤. وأن


١
سطور يهوديين في مهرقيهما ... مجيدين من تيماء أو أهل مدين
مصادر الشعر الجاهلي "٨٢".
٢ اللسان "١٠/ ٤٥٧"، "صكك"، مفاتيح العلوم "ص٣٨".
٣ مجالس ثعلب "٢٧".
٤ تاج العروس "٣/ ١٤"، "أصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>