كتابي، أو من اشتهر وعرف بحذقه في فن الكتابة. وذكر علماء اللغة أن الكاتبين، هم الكتبة وحرفتهم الكتابة. وذكروا أن الكاتب في أيام الجاهلية: العالم. "وفي كتابه إلى أهل اليمن: قد بعثت إليكم كاتبًا من أصحابي. أراد عالمًا سُمي به لأن الغالب على من كان يعرف الكتابة أن عنده العلم والمعرفة"١. والواقع أن نسبة العلم للكتاب، لم تكن نظرة أهل الجاهلية وحدهم بالنسبة إلى كتّابهم، بل كانت وجهة نظر شعوب العالم كلها إلى الكتبة في ذلك العهد؛ لأن أكثر كتّاب تلك الأيام كانوا من أبناء العوائل المتمكنة ومن أبناء طبقة رجال الدين, وكانوا يتعلمون إلى جانب الكتابة في الغالب علم اللسان، كالعربية بالنسبة إلى العرب والإرمية بالنسبة إلى بني إرم، وشيئًا من الأدب من منظوم ومنثور وحساب وأمثال وحكم، لذلك يخرج المتعلم، وقد تثقف بثقافة تجعله فوق مستوى أقرانه، فيكون بعلمه هذا أعلم من غيره وأدرك منهم بشئون الحياة. ومن هنا صار أعلم من بقية الناس. ونظر إليه نظرة تقدير وتبجيل.
ومن هنا نجد أن الأحناف، وهم الدعاة إلى الإصلاح وإلى رفع مستوى الحياة في الجاهلية، كانوا كلهم من الكتّاب بالعربية. وقد نسب إليهم أنهم كانوا يكتبون ويقرءون بالعبرانية أو بالسريانية أو باللغتين أيضًا، كما عرف عن بعض الخطباء والشعراء أنهم كانوا يقرءون ويكتبون، ومنهم من كان له اطلاع على الثقافات واللغات الأعجمية حتى بان ذلك على كلامه المنظوم أو المنثور، وخير مثال على هؤلاء: عدي بن زيد العبادي، وأمية بن أبي الصلت والأعشى ولبيد.
وقد عرفت حرفة احتراف الكتابة بين الجاهليين أيضًا، كالذي كان من أمر "زيد" والد "عدي بن زيد العبادي" مع الفرس، وكالذي كان من أمر ابنه عدي نفسه مع الفرس أيضًا، ثم ما كان من أمر ابن عدي معهم. وكالذي كان من أمر "لقيط بن يعمر الإيادي"، وغيرهم. وقد رأينا أن الناس أطلقوا على "حنظلة بن الربيع"، كاتب الرسول "الكاتب"، حتى عرف بـ"حنظلة الكاتب"، لأنه كان قد قضى معظم وقته في الكتابة للرسول، فكان يكتب له إذا غاب كاتب من كتّابه عنه. فهؤلاء إذن، هم كتّاب، صارت الكتابة حرفتهم، ولا بد وأن نتصور أنهم كانوا قد أتقنوا حرفتهم لطول مرانهم بها