للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برعوا وتخصصوا بها، حتى صار النسب مرادفًا للعلم عندهم. وفي القرآن: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ١، و"علماء بني إسرائيل"٢، وألفاظ كثيرة لها صلة بالتعلم والعلم، وفي ورودها فيه دلالة على وقوف الجاهليين على العلم والتعلم وعلى وجود العلماء عندهم.

وترد لفظة "الكاتب" بمعنى العالم. قال الله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} ٣، "وفي كتابه إلى أهل اليمن: قد بعثت إليكم كاتبًا من أصحابي، أراد عالمًا، سُمي به لأن الغالب على من كان يعرف الكتابة أن عنده العلم والمعرفة"، والكاتب عندهم العالم. والإكتاب الإملاء. تقول: أكتبني هذه القصيدة، أي: أملاها علي ٤، و"الكاتب" عند الشعوب الأخرى، بمعنى العالم كذلك، وقد كانت للكتاب منزلة كبيرة في مجتمعهم، إذ كانوا يعدون من الطبقات العالية الممتازة؛ وذلك لأن الكاتب لا يكون كاتبًا إذ ذاك, ولا ينال العلم, إلا إذا كان من الطبقة العالية المتمكنة ومن أسرة عرفت بالعلم. والعلم إذا ذاك محصور في العواثل، وفي رجال الدين وفي الطبقة التي تتولى الكتابة في قصور الملوك.

ونجد في القرآن لفظة: "كتب" و"كَتَبَتْ"و"كَتَبْتَ"و"كَتَبْنا"، و"كتبناها"، و"فسأكتبها"، و"تكتبوه"، و"نكتب"، و"يكتب"، و"يكتبون" و"أكتب"، و"فاكتبها"، و"فاكتبوه"، و"كُتِبَ" و"ستكتب"، و"اكتتبها"، و"فكاتبوهم"، و"كاتب"، و"كاتبًا" و"كاتبون"، و"كاتبين"، و"الكتاب"، و"كتابًا"، و"كتابك"، و"بكتابهم"، و"كتابنا"، و"كتابه"، و"كتابها"، و"كتابي"، و"كتابيه"، و"كُتُبٌ"، و"كُتُبِهِ"، و"مكتوبًا". وفي ورود هذه الألفاظ فيه معبرة عن معان مختلفة لها صلة بالكتابة وبالعلم دلالة على أن الجاهليين كانوا على علم، وأنهم كانوا يكتبون في أغراض مختلفة من أغراض الحياة، وأنهم لم يكونوا على نحو ما يقص عنهم أهل الأخبار من الجهل والأمية.


١ فاطر، الآية ٢٨، تفسير الطبري "٢٢/ ٨٦"، تفسير الألوسي "٢٢/ ١٧٦".
٢ الشعراء، الآية ١٩٧.
٣ الطور، الآية ٤١، القلم، الآية ٤٧.
٤ تاج العروس "١/ ٤٤٥"، "كتب".

<<  <  ج: ص:  >  >>