للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنبي في شعره، وطبيعي أن يكون واضعو هذه الأشعار أناسًا من الأنصار ومن بقية فروع قحطان١.

وتعلق متعصبو اليمانية بالأبنية الفخمة وبالمدن الكبرى، فجعلوها من أبنية ملوكهم أو من أبنية أسلافهم العرب العاربة. وقد ذكر المسعودي أن من اليمانية من يرى أن الهرمين اللذين في الجانب الغربي من فُسطاط مصر، هما قبرا "شداد بن عاد وغيره من ملوكهم السالفة الذين غلبوا على بلاد مصر في قديم الدهر، وهم العرب العاربة من العماليق وغيرهم"٢. ونسبوا لملوكهم الفتوحات الفخمة في الشرق والغرب.

وأضافوا إليهم لقمان الحكيم، زعموا أنه لقمان الحميري، وقالوا: إنه كان حكيمًا عالمًا بعلم الأبدان والأزمان، وهو الذي وَقَّت المواقيت، وسمى الشهور بأسماء مواقيتها. وزعموا أن ياسر ينعم ملك بعد سليمان بن داود، وسمي ينعم؛ لأنه رد الملك إلى حمير بعد ذهابه، وأن الضحاك ملك من الأزد كان في وقت إبراهيم فنصره, وبذلك كانت للقحطانيين منة قديمة على إبراهيم وعلى العدنانيين بصورة خاصة. وقالوا أشياء أخرى كثيرة، قد يخرجنا ذكرها من صلب هذا الموضوع, من أعمال وفتوحات لشمر يرعش وغيره من التبابعة٣.

وقد لوَّن العدنانيون تأريخهم، واستعانوا بالشعر، فوضعوا منه ما شاءوا في الرد على القحطانيين. قال ابن سلام: "نظرت قريش فإذا حظها من الشعر قليل في الجاهلية، فاستكثرت منه في الإسلام"٤، وعقبوا على الروايات القحطانية، فلما ادعى اليمانيون مثلا أن تبعهم "أبا كرب" فتح العراق والشام والحجاز، وأنه امتلك البيت الحرام، ونكل بالعدنانيين شر تنكيل، وأنه قال شعرا، منه:


١ قال النعمان بن بشير:
فمن ذا يفاخرنا من الناس معشر ... كرام, فذو القرنين منا وحاتم
ونحن بنينا سد يأجوج فاستوى ... بأيماننا, هل يهدم السد هادم؟
وقال لبيد:
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا ... بالحنو في جدث هناك مقيم
منتخبات "ص٦١، ٨٤ فما بعدها".
٢ التنبيه "ص١٨".
٣ منتخبات "ص٥٦، ٦٥".
٤ في الأدب الجاهلي "ص١٢٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>