مقبول، ولا سيما بالنسبة إلى الحيرة والعراق وبلاد الشام، حيث تعرب فيها كثير ممن لم يكن عربيًّا في الأصل فصاروا عربًا، لسانهم لسان العرب، ولا يفهم من هذا الكلام بالطبع تقسيم العرب بالمعنى المفهوم عند أهل الأخبار والتأريخ، أي: عرب قحطانيون وعرب عدنانيون, وكل ما قصد به إن صح أن هذا الكلام هو كلام "خالد" وكلام "عدي" حقًّا, تعنيف وتأنيب لعدي بن عدي بن زيد على وقوفه هو وقومه وأهل الحيرة موقفا معاديا للمسلمين، وتأييدهم للفرس ولدفاعهم عنهم، مع أنهم عجم بعيدون عنهم, فكأنه قال لهم: لو كنتم عربًا فكيف تؤيدون عجمًا علينا ونحن عرب؟ و"عدي" من العرب، وأبوه من تميم كما يقول النسابون. فهو ليس من العرب الأخرى المتعربة، ولكن من العرب العاربة، أي: عرب بالأصالة، كما أن خالدا نفسه من العرب العاربة؛ لأنه عربي أصلا وإن كان عدنانيًّا, فلم يقصد بالعرب العاربة هنا العرب القحطانيين، ولا بالعرب المتعربة العرب العدنانيين. فالعرب المتعربة إذن هم المتعربون من أهل الحيرة وغيرهم، ممن كانوا من النبط وبني إرم أو غيرهم ثم دخلوا بين العرب ولحقوا بهم، فصار لسانهم لسانا عربيا مثل العرب الآخرين وتعربوا بذلك.
ويلاحظ أن "غسان" قد أدخلت في "المستعربة" مع أنها من العرب العاربة، أي: من العرب القحطانيين في عرف النسابين. وفي ذلك دلالة على أن مدلول العرب العاربة والعرب المستعربة لم يكن في الجاهلية وفي صدر الإسلام بالمعنى الذي صار عليه عند علماء النسب وأهل الأخبار، وأن تخصيص العرب العاربة بالقبائل التي ترجع نفسها إلى اليمن، والعرب المستعربة بالقبائل التي يرجعون نسبها إلى عدنان، قد وقع من النسابين في أيام الأمويين فما بعد.