للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عرف عند العرب كما عرف عند غيرهم١. وقد داووا الصبيان بـ"الفصيدة".

تمر يعجن ويُشاب، أي: يخلط بدم٢. والظاهر أن هذا الدم، هو من دم الفصد.

وقد كان الجاهليون يأكلون دم الحيوان، يجففونه بعد خلطه مع مادة أخرى، أو وضعه في أمعاء ليجف فيؤكل، أو مع الشعر ثم يأكلونه، ومنهم من كان يشرب الدم، للقوة. و"وفي حديث عكرمة: كان طعام أهل الجاهلية العلهز. قال ابن الأثير: هو طعام من الدم والوبر". وذلك أن يخلط الدم بالوبر، أو الصوف ينفش ويشرب بالدماء ويشوى ويؤكل. وقد نسب أكله إلى الفقراء وإلى أيام المجاعة، وزعم أنهم كانوا يخلطون فيه القردان، أو دم الحلم. ونسب أكله إلى القحطانيين، وذلك في شعر هجاء، هو:

وإن قرى قحطان قرف وعلهز ... فأقبح بهذا ويح نفسك من فعل٣

وهو من الشعر المنبعث عن عاطفة العصبية ولا شك.

وكان الفصد عند العرب من جملة وسائل القتل التي تستعمل في قتل الملوك والأشراف. تمييزًا لهم عن السوقة وسواد الناس الذين يقتلون بحد السيف. فقد كان الشريف إذا سقط في أيدي عدوه ووجد نفسه أنه مقتول لا محالة، أوصى بإسقائه الخمر، حتى يسكر، فيخف بذلك ألمه ثم يفصد عرق اليد فيخرج منه الدم حتى يموت ميتة الأشراف.

واستعمل الكي في معالجة أمراض المفاصل، مثل الرَثْيَة "الروماتزم"، وقد برع في ذلك الأعراب بصورة خاصة وهو معالجة أخذ بها أطباء أهل الوبر أيضًا، وطريقتهم هي كي الجزء المريض بحديدة محماة، أو بحجر محمى. وقد استعمل الكي أيضًا في معالجة الجروح والقروح ووجع الرأس. وفي العربية مثل قديم، له علاقة به، هو: آخر الدواء الكي. فالكي إذن معالجة يلجأ إليها حينما يعيا الدواء عن الشفاء. واستعمل في معالجة الاستسقاء، بالكي على البطن٤. وينسب أهل الأخبار المثل المذكور إلى "لقمان بن عاد"٥، وفي نسبتهم هذه المعالجة إليه


١ اللسان "٣/ ٣٣٦"، "فصد".
٢ اللسان "٢/ ٣٣٦"، "فصد"، تاج العروس "٢/ ٤٥٣"، "فصد".
٣ تاج العروس "٤/ ٦١"، "العلهز".
٤ الفاخر "ص٥٨، ١٢٦".
٥ الزمخشري، المستقصى في أمثال العرب "١/ ٣"، "حيدر آباد الدكن ١٩٦٢م".

<<  <  ج: ص:  >  >>