للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقصد بالمصابيح الكواكب١

وقد سار أهل الجاهلية مثل غيرهم من الأمم القديمة على فكرة تقسيم السماء إلى "بروج". وقد أشير إلى البروج في القرآن في سورة الحجر: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} ٢ وفي سورة البروج {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} ٣. وقد قسم اليونان واللاتين السماء إلى "بروج". وعرف كل برج عندهم بلفظة: "بركس"، Burgus. ومن هذا الأصل أخذت لفظة "البرج" و"البروج".

أخذت إما من اللاتينية أو اليونانية مباشرة، وإما من السريانية بالواسطة٤، وذلك قبل الإسلام بأمد، فتعربت وصارت من الألفاظ العربية الأعجمية الأصل، مثل ألفاظ أخرى دخلت العربية من أصل يوناني ولاتيني قبل الإسلام بسنين.

وللكواكب أفلاك تدور فيها، وقد أشير إليها في القرآن، فورد: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ٥. وهي عندهم مدارات دائرية على هيئة حجر الرحى، تدور الشمس والقمر والكواكب بها، كل في فلك مقدر له٦.

ويرى "نالينو"، أن ما ورد في القرآن الكريم عن "البروج"، وكذلك ما ورد في الخطبة المنسوبة إلى قس بن ساعدة الإيادي من قوله: "وسماء ذات أبراج" لا يعني بالضرورة وقوف الجاهليين على البروج الاثني عشر، وأخذهم بهذه النظرية الفلكية، وذلك لأمور ذكرها، وحجج أوردها. وفي جملتها أن أسماء كل البروج، ما عدا الجوزاء مترجمة من أسمائها اليونانية والسريانية. ثم إن هذه البروج لم تكن ذات فائدة عملية للجاهليين، ولهذا لا يحتمل اهتمامهم بها، وأخذهم بها، ولا سيما أن معارفهم الفلكية لم تكن واسعة عميقة. ولهذا ذهب إلى أن ما ورد في القرآن عن البروج، لا يراد به الصورة المعروفة الموجودة عند


١ الأنواء "ص١٨٦".
٢ السورة رقم١٦.
٣ سورة البروج.
٤ كتاب صور الكواكب الثمانية والأربعين، تأليف عبد الرحمن بن عمر الرازي الصوفي، المطبعة العثمانية ١٩٥٤م، كتاب الأنواء "ص ط"، المخصص "٩/ ١٢"
Ency, I, p. ٧٩٦, Frankel, Die Aramaische Fremdworter in Arabisch, S. ٢٣٥.
٥ الأنبياء، الآية ٣٣، تفسير الطبري "١٧/ ١٦ وما بعدها".
٦ تفسير الطبري "١٧/ ١٦ وما بعدها"، الجمان في تشبيهات القرآن "٢٠٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>