للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانوا يعدون الرؤية من الحوادث المؤثرة في حياة الشخص. من حيث جلب النحس والسعادة للمستهل. ولهذا كانوا ينظرون إلى المناظر الجميلة حين الاستهلال، لاعتقادهم أن ذلك يجلب لهم البركة والخير. والشهر كما جاء في الحديث: "مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين"١، أي: يومًا.

ويعبر عن الشهر بلفظة "ورخ" في العربيات الجنوبية. والجمع "أورخم" "أورخ". ولفظة "ورخ" تعني القمر في عربية القرآن الكريم. وهي من الألفاظ السامية القديمة، وتؤدي معنى "أرخ" وتأريخ أيضًا٢. فكان العرب الجنوبيون إذا أرادوا التأريخ بالأشهر، قالوا: "ورخ كذا"، أي: "شهر كذا". والتوريخ بالشهور لا يعني أن العرب الجنوبيين أو غيرهم من العرب، كانوا لا يؤرخون إلا بالتقويم القمري، وأنهم لم يكونوا يستعملون غير هذا التقويم. فقد كان غيرهم يؤرخون بالشهور القمرية كذلك، وكانوا مع ذلك يؤرخون بالتقويم الشمسي، أو بالتقويمين.

ولا تعني لفظة "ورخ" التي هي "الشهر" أن العرب الجنوبيين كانوا يتبعون تقويمًا قمريًّا، بسبب أن لفظة "ورخ" تعني "قمر" في الأصل، فالانكليز يستعلمون لفظة Month بمعنى الشهر، وهي من أصل Moon أي: القمر، ومع ذلك فإن شهورهم شمسية، ولفظة "الشهر" نستعملها في عربيتنا، هي في معنى "ورخ" في الأصل. فالشهر: القمر، والهلال٣. أي مرادف "ورخ" تمامًا. وقد سمي الشهر به، لأنهم كانوا يوقنون به، فالمدة التي تمضي بين هلال وهلال جديد، هي شهر. نسي المعنى الأصلي للكلمة، وبقي الاصطلاح ومن ذلك قولهم: أشهروا، بمعنى أتى عليهم شهر، وشاهره مشاهرة وشهارًا، استأجره للشهر٤.

ووردت لفظة "شهر" بمعنى هلال في العربيات الجنوبية، وذلك كما في هذه الجملة: "بيوم شهرم ويوم ثنيم ذنم"٥، أي: "بيوم الهلال، وبيوم


١ إرشاد الساري "٣/ ٣٥٩".
٢ نص ابنة Rhodokanakis, Stud. II, S. ٤٨, Bruno Meissner Supplement nyu den Assyrischen Worterbuchetn, Leiden, ١٨٩١, S. ١٦.
٣ تاج العروس "٣/ ٣٢١"، "شهر".
٤ تاج العروس "٣/ ٣٢١"، "شهر".
٥ Jamme ٦٥١, ١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>