للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أصله، وليس من التراكيب التي أصلحت فيما بعد وفقًا لقواعد الإعراب١.

وروي أن أعرابيًّا سمع إمامًا يقرأ: "وَلا "تَنْكِحُوا" الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا"، بفتح تنكحوا، فقال: سبحان الله هذا قبل الإسلام قبيح فكيف بعده! فقيل له: إنه لحن والقراءة: {وَلا تُنْكِحُوا} ، فقال: قبحه الله، لا تجعلوه بعدها إمامًا، فإنه يحل ما حرم الله٢.

والعربية المحضة، هي عربية معربة، فيها كل خصائص الإعراب، غير أن الإعراب يتباين فيها بعض التباين بحسب تباين اللهجات، نقول ذلك استنادًا إلى ما ضبطه علماء اللغة من وجوه الاختلاف بين لغات العرب. ونرى أثر الأعراب في النص المعروف بنص "حران" لصاحبه "شرحيل بن ظلمو" "شراحيل بن ظالم"، ففي جملة "بنيت ذا المرطول" الواردة فيه، والمكتوبة بصيغة المفعولية بنصب لفظة "ذا" لوقوع الفعل عليها، دلالة على وجوب الإعراب في لغة هذا النص. أما جملة "أنا شرحيل بر ظلمو"، فقد دونت وفقًا لقواعد النبطية لا العربية الفصيحة، مما يدل على تأثير الكاتب باللهجة النبطية.

أما بالنسبة إلى عربية المسند، فإننا لا نستطيع أن نتحدث عن وجود من يتكلم بها على نحو ما كانت في الجاهلية من الصفاء والأصالة، ولأن المسند لا يستعمل الحركات في الكتابة ولا أية علامة تدل على تغير أواخر الكلمات، فلا ندري كيف كانوا يحركون أواخر الكلم، وعلى معرفة هذه الحركات يتوقف بالطبع معرفة وجود الإعراب من عدم وجوده في لهجة من اللهجات.

وأما بالنسبة إلى النبطية، وهي لهجة عربية شمالية، أقرب إلى العربية الفصحى من العربيات الجنوبية، فقد ذهب الباحثون في قواعدها، إلى أن أواخر الكلمات فيها، تتغير فيها بحسب مواقعها من الإعراب، حتى ذهب بعضهم إلى وجود الحركات فيها، وهي الضمة في حالة الرفع، والفتحة في حالة النصب، والكسرة في حالة الجر، غير أنهم لم يكونوا يعقبون هذه الحركات بالنون.

والإعراب وإن سقط اليوم من لغاتنا الدارجة، ومن لهجات الأعراب، غير أن هنالك قبائل في جزيرة العرب، لا تزال تتكلم بلهجة عربية معربة، إعرابها


١ يوهان فك، العربية "٣ وما بعدها".
٢ عيون الأخبار "٢/ ١٦٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>