للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك شجر له شوك وعضاة. ومنها ما سمي بما غلظ من الأرض وخشن لمسه وموطئه، مثل: حجر، وحجير، وصخر، وفهر، وجندل، وجرول، وحزن، وحزم. ومنها أن الرجل كان يخرج من منزله وامرأته تمخض فيسمي ابنه بأول ما يلقاه من ذلك، نحو: ثعلب، وثعلبة، وضب، وضبة، وخزز، وضبيعة، وكلب، وكليب، وحمار، وقرد، وخنزير، وجحش، وكذلك أيضا يسمي بأول ما يسنح أو يبرح له من الطير، نحو: غراب، وصرد، وما أشبه ذلك ... خرج وائل بن قاسط وامرأته تمخض، وهو يريد أن يرى شيئًا يسمي به، فإذا هو ببكر قد عرض له، فرجع وقد ولدت له غلامًا، فسماه بكرًا، ثم خرج خرجة أخرى وهي تمخض، فرأى عنزًا من الظباء، فرجع وقد ولدت غلامًا فسماه عنزًا.. ثم خرج خرجة أخرى، فإذا هو بشخيص قد ارتفع له ولم يتبينه نظرًا، فسماه الشخيص.. ثم خرج خرجة أخرى وهي تمخض، فغلبه أن يرى شيئا، فسماه تغلب ... خرج تميم بن مر وامرأته سلمى بنت كعب تمخض، فإذا هو بوادٍ قد انبثق عليه لم يشعر به، فقال: الليل والسيل، فرجع وقد ولدت غلاما، فقال: لأجعلنه لإلهي، فسماه زيد مناة، ثم خرج خرجة أخرى وهي تمخض، فإذا هو بمكاء يغرد على عوسجة قد يبس نصفها وبقي نصفها، فقال: لئن كنت قد أثريتِ وأسريتِ لقد أجحدت وأكديت، فولدت غلاما فسماه الحارث ... "١.

قيل لأبي الدقيش الأعرابي: "لِمَ تسمون أبناءكم بشر الأسماء نحو كلب وذئب، وعبيدكم بأحسنها نحو مرزوق ورباح؟ " فقال: "إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا, وعبيدنا لأنفسنا"٢. وتعرض الجاحظ لهذا الموضوع أيضا، فقال: "والعرب إنما كانت تسمي بكلب وحمار وحجر وجعل وحنظلة وقرد على التفاؤل بذلك. وكان الرجل إذا ولد له ذكر، خرج يتعرض لزجر الطير والفأل، فإن سمع إنسانًا يقول: حجر أو رأى حجرًا، سمى ابنه به وتفاءل فيه الشدة والصلابة والبقاء والصبر وأنه يحطم ما لقي، وكذلك إذا سمع إنسانًا يقول: ذئب أو رأى ذئبًا تأول فيه الفطنة والمكر والكسب، وإن كان حمارا تأول فيه طول العمر والوقاحة والقوة والجلد، وإن كان كلبا تأول فيه الحراسة واليقظة وبعد


١ الاشتقاق "ص٣ وما بعدها"، بلوغ الأرب "٣/ ١٩٣ وما بعدها".
٢ الديري "٢/ ٢٤٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>