للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت الأخبار قد تظاهرت عنه، صلى الله عليه وسلم، بما حدثنا خلاد بن أسلم، قال: حدثنا أنس بن عياض عن أبي حازم عن أبي سلمة، قال: لا أعلمه إلا عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفرٌ -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردّوه إلى عالمه" ١.

واستمر الطبري بعد ذلك في تعداد الطرق التي ورد فيها هذا الحديث: حديث "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، ورواية بعض الأخبار الواردة في حدوث اختلاف بين الصحابة في حفظ بعض الآيات وقراءتها. ثم خلص بعد هذا السرد إلى نتيجة، هي أن القرآن "نزل بألسن بعض العرب دون ألسن جميعها، وأن قراءة المسلمين اليوم ومصاحفهم التي بين أظهرهم هي ببعض الألسن التي نزل بها القرآن دون جميعها"٢، فلم يجزم بتعيين اللهجة التي نزل بها القرآن الكريم.

وحديث "أنزل القرآن على سبعة أحرف" حديث معروف مشهور، يرد في كتب التفاسير وفي كتب المصاحف والقراءات. ورد بطرق متعددة، وبأوجه مختلفة وهذه الطرق والأوجه، وإن اختلفت في سرد متن الحديث وفي ضبط عباراته، قد اتفقت في الفكرة، وخلاصتها نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف.

ويقصدون بالحرف وجهًا من أوجه الألسنة، أي: لهجة من اللهجات٣.

أما رجال سند هذا الحديث، فعديدون، وفي حال بعضهم كابن الكلبي وأبي صالح مغمز٤. وهم جميعًا يرجعون سندهم إلى جماعة من الصحابة، هم نهاية سلسلة السند، قالوا: إنهم سمعوا الحديث من الرسول، ويعنون بهم: عمر بن الخطاب، وعثان بن عفّان، وابن عبّاس، وابن مسعود، وأُبي بن كعب، وأنسًا، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن أرقم، وسمرة بن جندب، وسليمان بن صرد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن أبي سلمة، وعمرو بن العاص، ومعاذ بن جبل، وهشام بن حكيم، وأبا بكرة، وأبا جهم، وأبا سعيد.


١ تفسير الطبري "١/ ٩ وما بعدها"
٢ تفسير الطبري "١/ ٢٥".
٣ تفسير الطبري "١/ ٩"، تاج العروس "٦/ ٦٨"، "حرف"، ابن كثير، فضائل القرآن "٥٣ وما بعدها"، الصاحبي "٥٧".
٤ تفسير الطبري "١/ ٢٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>