للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إنه أتاني آت من ربي، فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت: ربّ، خفف عن أمتي. قا: ثم جاء، فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلتُ: رب خفف عن أمتي. قال: ثم جاء الثالثة، فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد فقلت: رب خفف عن أمتي. قال: ثم جاءني الرابعة، فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة" ... إلخ١".

ورُوي عن زيد بن وهب، قال: أتيت ابن مسعود أستقرئه آية من كتاب الله، فأقرأنيها كذا وكذا. فقلت: إن عمر أقرأني كذا وكذا خلاف ما قرأها عبد الله. قال: فبكى حتى رأيت دموعه خلال الحصى، ثم قال: اقرأها كما أقرأك عمر، فوالله لهي أبين من طريق السيلحين٢.

وأورد العلماء أحاديث أخرى بهذا المعنى، تظهر كلها وقوع الخلاف بين الصحابة في قراءة القرآن، وعلم الرسول به، وتجويزه لهم القراءة بقراءتهم كل إنسان بما علم٣.

وقد اختلف العلماء في معنى هذه السبعة الحرف وما أريد منها على أقوال.

جمعها القرطبي على خمسة وثلاثين قولًا٤، وجعلها "السيوطي" على نحو أربعين قولًا٥، تحدث هو وغيره عنها، والحديث عنها في هذا الكتاب يخرجنا من حدود بحثنا المرسومة، وهو التأريخ الجاهلي، لذلك فسوف لا أتكلم في هذا المكان إلا عن الأقوال التي عينت تلك الأحرف ونصت على أسمائها بالنص والتعيين، فأقول:

قد رأينا الأحاديث المذكورة والأخبار المروية، وهي عامة، لم تنص على أن المراد من الأحرف السبعة حرفًا معينًا، ولسانًا خاصًّا من ألسنة العرب، غير أننا نجد أخبارًا، نصت على تلك الأحرف وعينتها وشخصتها، إذا تتبعنا سندها


١ تفسير الطبري "١/ ١٤".
٢ ابن سعد "١/ ٢٧٠".
٣ تفسي الطبري "١/ ٩ وما بعدها"، ابن كثير، فضائل القرآن "٥٥ وما بعدها".
٤ ابن كثير، فضائل القرآن "٧٤ وما بعدها"، السيوطي، الإتقان "١/ ١٣٨".
٥ السيوطي، الإتقان "١/ ١٣١".

<<  <  ج: ص:  >  >>